الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٤ -
الْجَهْل فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى، وَكَانَ بِتَرْكِ مَأْمُورٍ لَمْ يَسْقُطْ بَل يَجِبُ تَدَارُكُهُ، وَلاَ يَحْصُل الثَّوَابُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ تَدَارُكٍ، أَوْ وَقَعَ فِي فِعْلٍ مَنْهِيٍّ عَنْهُ لَيْسَ مِنْ بَابِ الإِْتْلاَفِ فَلاَ شَيْءَ فِيهِ، أَوْ فِيهِ إِتْلاَفٌ لَمْ يَسْقُطِ الضَّمَانُ، كَمَا فِي قَتْل صَيْدِ الْحَرَمِ أَوْ قَطْعِ شَجَرِهِ. وَإِنْ كَانَ الْجَهْل فِي فِعْل مَا فِيهِ عُقُوبَةٌ كَانَ شُبْهَةً فِي إِسْقَاطِهَا، وَلاَ يُؤَثِّرُ الْجَهْل فِي إِسْقَاطِ حُقُوقِ الْعِبَادِ.
وَلَيْسَ كُل أَحَدٍ يُقْبَل مِنْهُ دَعْوَى الْجَهْل بِالْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ، وَالْقَاعِدَةُ فِي ذَلِكَ أَنَّ مَنْ جَهِل تَحْرِيمَ شَيْءٍ مِمَّا يَشْتَرِكُ فِي الْعِلْمِ بِهِ غَالِبُ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يُقْبَل، مَا لَمْ يَكُنْ قَرِيبَ عَهْدٍ بِالإِْسْلاَمِ، أَوْ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ يَخْفَى فِيهَا مِثْل ذَلِكَ، كَتَحْرِيمِ الزِّنَى، وَالسَّرِقَةِ، وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَالْكَلاَمِ فِي الصَّلاَةِ، وَالأَْكْل فِي الصَّوْمِ.
وَقَدْ يَكُونُ الْجَهْل فِيمَا يَخْفَى حُكْمُهُ عَلَى الْمُسْلِمِ الْعَامِّيِّ دُونَ الْعَالِمِ، فَتُقْبَل فِيهِ دَعْوَى الْجَهْل مِنَ الأَْوَّل دُونَ الثَّانِي، كَكَوْنِ الْقَدْرِ الَّذِي أَتَى بِهِ مِنَ الْكَلاَمِ مُفْسِدًا لِلصَّلاَةِ، أَوْ كَوْنِ النَّوْعِ الَّذِي دَخَل جَوْفَهُ مُفْسِدًا لِلصَّوْمِ، فَالأَْصَحُّ فِيمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّافِعِيَّةُ عَدَمُ الْبُطْلاَنِ.
وَلاَ تُقْبَل دَعْوَى الْجَهْل بِالأَْخْذِ بِالشُّفْعَةِ مِنْ قَدِيمِ الإِْسْلاَمِ لاِشْتِهَارِهِ، وَتُقْبَل فِي نَفْيِ الْوَلَدِ لأَِنَّهُ لاَ يَعْرِفُهُ إِلاَّ الْخَوَاصُّ (١) .
وَكُل مَنْ عَلِمَ تَحْرِيمَ شَيْءٍ وَجَهِل مَا يَتَرَتَّبُ
_________
(١) الأشباه والنظائر للسيوطي ص٢٠٠، ٢٠١.