الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٤

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٤ - حرف التاء - تيسير - أنواع اليسر في الشريعة - النوع الثاني يسر الأحكام الشرعية العملية - الشعبة الأولى اليسر الأصلي - درجات المشاق، والتكليف بها - الدرجة الأولى

دَرَجَاتُ الْمَشَاقِّ، وَالتَّكْلِيفُ بِهَا:

٢٠ - لَيْسَ مَعْنَى يُسْرِ الشَّرِيعَةِ خُلُوُّ جَمِيعِ التَّكَالِيفِ فِي الشَّرِيعَةِ الإِْسْلاَمِيَّةِ مِنْ جِنْسِ الْمَشَقَّةِ أَصْلًا، بَل إِنَّ التَّكْلِيفَ، مَا سُمِّيَ بِهَذَا إِلاَّ لأَِنَّهُ طَلَبُ مَا فِيهِ كُلْفَةٌ وَمَشَقَّةٌ، فَلاَ يَخْلُو شَيْءٌ مِنَ التَّكَالِيفِ عَنِ الْمَشَقَّةِ، وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ الْمَشَقَّةَ عَلَى دَرَجَاتٍ:

الدَّرَجَةِ الأُْولَى:

٢١ - الْمَشَقَّةُ الَّتِي لاَ يَقْدِرُ الْعَبْدُ عَلَى حَمْلِهَا أَصْلًا، فَهَذَا النَّوْعُ لَمْ يَرِدْ التَّكْلِيفُ بِهِ فِي الشَّرْعِ أَصْلًا؛ إِذْ لاَ قُدْرَةَ لِلْمُكَلَّفِ عَلَيْهِ فِي الْعَادَةِ، فَلاَ يَقَعُ التَّكْلِيفُ بِهِ شَرْعًا، وَإِنْ جَازَ عَقْلًا، وَقِيل يَمْتَنِعُ التَّكْلِيفُ بِهِ شَرْعًا وَعَقْلًا. فَلَيْسَ فِي الشَّرْعِ مِثْل تَكْلِيفِ الإِْنْسَانِ بِحَمْل جَبَلٍ، وَلاَ كَتَكْلِيفِ مَقْطُوعِ الرِّجْلَيْنِ الْقِيَامَ أَوِ الْمَشْيَ (١) .

وَهَذَا التَّكْلِيفُ كَمَا أَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِي الشَّرِيعَةِ الإِْسْلاَمِيَّةِ، لَمْ يُوجَدْ فِي الشَّرَائِعِ السَّمَاوِيَّةِ السَّابِقَةِ أَيْضًا، بِخِلاَفِ الأَْنْوَاعِ الآْتِيَةِ. وَيُعَبِّرُ الأُْصُولِيُّونَ عَنْ هَذَا بِمَنْعِ التَّكْلِيفِ بِمَا لاَ يُطَاقُ (٢) .

_________

(١) مسلم الثبوت ١ / ١٢٣.

(٢) الموافقات ٢ / ١٠٧ وما بعدها، وتفسير القرطبي ٣ / ٤٢٨.