الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٤ - حرف التاء - تيسير - أنواع اليسر في الشريعة - النوع الأول تيسير العلم بالشريعة - تيسير القرآن
فَهِيَ لِمَنْ عَاصَرَ النَّبِيَّ ﷺ وَلِمَنْ بَعْدَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَهِيَ عَامَّةٌ لِلْبَشَرِ جَمِيعًا، لَيْسَتْ لِلْعَرَبِ وَحْدَهُمْ، بَل لَهُمْ وَلِمَنْ عَدَاهُمْ مِنَ الأُْمَمِ فِي مَشَارِقِ الأَْرْضِ وَمَغَارِبِهَا، وَفِيهِمِ الْقَوِيُّ وَالضَّعِيفُ، وَالْعَالِمُ وَالْجَاهِل، وَالْقَارِئُ وَالأُْمِّيُّ، وَالذَّكِيُّ وَالْبَلِيدُ. فَاقْتَضَتْ حِكْمَتُهُ تَعَالَى أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الشَّرِيعَةُ الْعَامَّةُ الْخَاتِمَةُ مَيْسُورًا فَهْمُهَا وَتَعَقُّلُهَا وَالْعِلْمُ بِهَا لِتَسَعَ الْجَمِيعَ؛ إِذْ لَوْ كَانَ الْعِلْمُ بِهَا عَسِيرًا، أَوْ مُتَوَقِّفًا عَلَى وَسَائِل عِلْمِيَّةٍ تَدُقُّ عَلَى الأَْفْهَامِ لَكَانَ مِنَ الْعَسِيرِ عَلَى جُمْهُورِ الْمُكَلَّفِينَ بِهَا أَخْذُهَا وَمَعْرِفَتُهَا أَوَّلًا، وَالاِمْتِثَال لأَِوَامِرِهَا وَنَوَاهِيهَا ثَانِيًا.
وَمِنْ هَذَا الْبَابِ مَا يَلِي:
أ - تَيْسِيرُ الْقُرْآنِ:
١١ - جَعَل اللَّهُ ﷿ الْقُرْآنَ مُيَسَّرَ التِّلاَوَةِ وَالْفَهْمِ عَلَى الْجُمْهُورِ، قَال اللَّهُ تَعَالَى: ﴿فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِك لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ﴾ (١) وَقَال: ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَل مِنْ مُدَّكِرٍ﴾ (٢) . وَمِنْ تَيْسِيرِهِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَنْزَلَهُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ مُرَاعَاةً لِحَال النَّاسِ مِنْ حَيْثُ الْقُدْرَةُ عَلَى النُّطْقِ. وَيَدُل عَلَى ذَلِكَ مَا رَوَاهُ أُبَيٌّ بْنُ كَعْبٍ قَال: لَقِيَ رَسُول اللَّهِ ﷺ جِبْرِيل، فَقَال: يَا جِبْرِيل إِنِّي أُرْسِلْتُ إِلَى أُمَّةٍ أُمِّيَّةٍ، إِلَى الشَّيْخِ
_________
(١) سورة مريم / ٩٧.
(٢) سورة القمر / ٥٤.