الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٤ -
وَإِلاَّ طَلَّقَ، وَبِهَذَا قَال سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَعُرْوَةُ وَمُجَاهِدٌ وَطَاوُوسٌ. وَدَلِيل ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: ﴿لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ (١) .
وَظَاهِرُ ذَلِكَ أَنَّ الْفَيْئَةَ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ؛ لِذِكْرِهِ الْفَيْئَةَ بَعْدَهَا بِالْفَاءِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلتَّعْقِيبِ، ثُمَّ قَال تَعَالَى: ﴿وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاَقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ (٢)
وَلَوْ وَقَعَ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ لَمْ يَحْتَجْ إِلَى عَزْمٍ عَلَيْهِ. (٣)
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الطَّلاَقَ يَقَعُ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ مِنْ غَيْرِ فَيْءٍ؛ لأَِنَّهُ بِالإِْيلاَءِ عَزَمَ عَلَى مَنْعِ نَفْسِهِ مِنْ إِيفَاءِ حَقِّهَا فِي الْجِمَاعِ فِي الْمُدَّةِ وَأَكَّدَ الْعَزْمَ بِالْيَمِينِ، فَإِذَا مَضَتِ الْمُدَّةُ، وَلَمْ يَفِئْ إِلَيْهَا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْفَيْءِ فَقَدْ حَقَّقَ الْعَزْمَ الْمُؤَكَّدَ بِالْيَمِينِ بِالْفِعْل، فَتَأَكَّدَ الظُّلْمُ فِي حَقِّهَا، فَتَبِينُ مِنْهُ عُقُوبَةً لَهُ جَزَاءً عَلَى ظُلْمِهِ وَمَرْحَمَةً عَلَيْهَا، وَلاَ يُوقَفُ؛ لأَِنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَل مُدَّةَ التَّرَبُّصِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَالْوَقْفُ يُوجِبُ الزِّيَادَةَ عَلَى الْمُدَّةِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهَا. (٤)
_________
(١) سورة البقرة / ٢٢٦.
(٢) سورة البقرة ٢٢٧.
(٣) المغني ٧ / ٣١٨ - ٣١٩، وبداية المجتهد ٢ / ١٠٨ نشر مكتبة الكليات الأزهرية، والأم ٥ / ٢٦٩ - ٢٧١.
(٤) البدائع ٣ / ١٧٦