الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٤ -
تَقَدَّمَ، كَمَا يُنْهَى أَنْ يُقْسَمَ عَلَى اللَّهِ بِالْكَعْبَةِ وَالْمَشَاعِرِ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ.
وَالثَّانِيَ: السُّؤَال بِهِ فَهَذَا يُجَوِّزُهُ طَائِفَةٌ مِنَ النَّاسِ، وَنُقِل فِي ذَلِكَ آثَارٌ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ، وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي دُعَاءِ كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ، لَكِنْ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ ضَعِيفٌ بَل مَوْضُوعٌ، وَلَيْسَ عَنْهُ حَدِيثٌ ثَابِتٌ قَدْ يُظَنُّ أَنَّ لَهُمْ فِيهِ حُجَّةً إِلاَّ حَدِيثَ الأَْعْمَى الَّذِي عَلَّمَهُ أَنْ يَقُول: أَسْأَلُك وَأَتَوَجَّهُ إِلَيْك بِنَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ (١) وَحَدِيثُ الأَْعْمَى لاَ حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ، فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ إِنَّمَا تَوَسَّل بِدُعَاءِ النَّبِيِّ ﷺ وَشَفَاعَتِهِ، وَهُوَ طَلَبَ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ الدُّعَاءَ، وَقَدْ أَمَرَهُ النَّبِيُّ ﷺ أَنْ يَقُول: اللَّهُمَّ شَفِّعْهُ فِي " وَلِهَذَا رَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِ بَصَرَهُ لَمَّا دَعَا لَهُ النَّبِيُّ ﷺ وَكَانَ ذَلِكَ يُعَدُّ مِنْ آيَاتِ النَّبِيِّ ﷺ. وَلَوْ تَوَسَّل غَيْرُهُ مِنَ الْعُمْيَانِ الَّذِينَ لَمْ يَدْعُ لَهُمُ النَّبِيُّ ﷺ بِالسُّؤَال بِهِ لَمْ تَكُنْ حَالُهُمْ كَحَالِهِ (٢) .
وَسَاغَ النِّزَاعُ فِي السُّؤَال بِالأَْنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ دُونَ الإِْقْسَامِ بِهِمْ؛ لأَِنَّ بَيْنَ السُّؤَال وَالإِْقْسَامِ فَرْقًا، فَإِنَّ السَّائِل مُتَضَرِّعٌ ذَلِيلٌ يَسْأَل بِسَبَبٍ يُنَاسِبُ الإِْجَابَةَ، وَالْمُقْسِمُ أَعْلَى مِنْ هَذَا، فَإِنَّهُ طَالِبٌ مُؤَكِّدٌ طَلَبَهُ بِالْقَسَمِ، وَالْمُقْسِمُ لاَ يُقْسِمُ إِلاَّ عَلَى مَنْ يَرَى أَنَّهُ يَبَرُّ قَسَمَهُ، فَإِبْرَارُ الْقَسَمِ خَاصٌّ بِبَعْضِ الْعِبَادِ، وَأَمَّا إِجَابَةُ السَّائِلِينَ
_________
(١) حديث الأعمى سبق تخريجه ف / ٨.
(٢) قاعدة جليلة ص٦٤ - ٦٦