الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٤ -
الشَّرْعِ مَا قَال: ﴿فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا﴾، وَلاَ ثِقَةَ بِأَمْنِ الْعِبَادِ، إِنَّمَا الاِعْتِمَادُ عَلَى مَا يَرَاهُ الشَّرْعُ مَصْلَحَةً، فَالشَّهَادَةُ مَتَى شُرِعَتْ فِي النِّكَاحِ لَمْ تَسْقُطْ بِتَرَاضِيهِمَا وَأَمْنِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا، فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ الأَْمْرَ بِالْكِتَابَةِ وَالإِْشْهَادِ مَنْدُوبٌ غَيْرُ وَاجِبٍ، وَأَنَّ ذَلِكَ شُرِعَ لِلطُّمَأْنِينَةِ.
كَذَلِكَ جَاءَ قَوْله تَعَالَى: ﴿فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا﴾ عَقِبَ قَوْلِهِ: ﴿وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ (١)﴾ فَلَمَّا جَازَ أَنْ يَتْرُكَ الرَّهْنَ الَّذِي هُوَ بَدَل الشَّهَادَةِ جَازَ تَرْكُ الإِْشْهَادِ.
وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ اشْتَرَى مِنْ يَهُودِيٍّ طَعَامًا، وَرَهَنَهُ دِرْعَهُ (٢) . وَاشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ سَرَاوِيل (٣)، وَمِنْ أَعْرَابِيٍّ فَرَسًا فَجَحَدَهُ الأَْعْرَابِيُّ حَتَّى شَهِدَ لَهُ خُزَيْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ (٤)، وَلَمْ يُنْقَل أَنَّهُ أَشْهَدَ فِي ذَلِكَ، وَأَمَرَ النَّبِيُّ ﷺ
_________
(١) سورة البقرة / ٢٨٣.
(٢) حديث شراء النبي ﷺ من يهودي طعاما. أخرجه البخاري (الفتح ٤ / ٣٠٢ط السلفية)، ومسلم (٣ / ١٢٢٦ - ط الحلبي) من حديث عائشة.
(٣) حديث شراء النبي ﷺ من رجل سراويل. أخرجه أبو يعلى والطبراني في الأوسط كما في مجمع الزوائد (٥ / ١٢٢ ط القدسي) . وقال الهيثمي: " فيه يوسف بن زياد البصري وهو ضعيف ".
(٤) حديث شراء النبي ﷺ من أعرابي فرسا. أخرجه أبو داود (٤ / ٣٢ - تحقيق عزت عبيد دعاس) . وقال الشوكاني: " رجاله ثقات ". (نيل الأوطار (٥ / ١٧٠ ط المطبعة العثمانية) .