الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٤ -
سُبْحَانَهُ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَل تَوْبَتُهُمْ﴾ (١) وَالاِزْدِيَادُ يَقْتَضِي كُفْرًا جَدِيدًا لاَ بُدَّ مِنْ تَقَدُّمِ إِيمَانٍ عَلَيْهِ.
وَلِمَا رُوِيَ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ ﵁ أُتِيَ بِرَجُلٍ فَقَال لَهُ: إِنَّهُ أُتِيَ بِك مَرَّةً فَزَعَمْتَ أَنَّك تُبْتَ وَأَرَاكَ قَدْ عُدْتَ فَقَتَلَهُ. وَلأَِنَّ تَكْرَارَ الرِّدَّةِ مِنْهُ يَدُل عَلَى فَسَادِ عَقِيدَتِهِ وَقِلَّةِ مُبَالاَتِهِ بِالدِّينِ فَيُقْتَل (٢) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي مَذْهَبِ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ: إِنَّهُ تُقْبَل تَوْبَةُ الْمُرْتَدِّ وَلَوْ تَكَرَّرَتْ رِدَّتُهُ؛ لإِطْلاَقِ قَوْله تَعَالَى: ﴿قُل لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ﴾ (٣) وَلِقَوْلِهِ ﵊: أُمِرْت أَنْ أُقَاتِل النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، فَإِذَا قَالُوا لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلاَّ بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ (٤) . لَكِنَّهُمْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْمُرْتَدَّ الْمُتَكَرِّرَةُ مِنْهُ الرِّدَّةُ إِذَا تَابَ ثَانِيًا عُزِّرَ بِالضَّرْبِ أَوْ بِالْحَبْسِ وَلاَ يُقْتَل، قَال ابْنُ عَابِدِينَ: إِذَا ارْتَدَّ ثَانِيًا ثُمَّ تَابَ ضَرَبَهُ الإِْمَامُ
_________
(١) سورة آل عمران / ٩٠.
(٢) المغني ٨ / ١٢٦، ١٢٧، وكشاف القناع ٦ / ١٧٧.
(٣) سورة الأنفال / ٣٨.
(٤) حديث: " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا. . . . " أخرجه مسلم (١ / ٥٣ ط عيسى الحلبي) وأصله في البخاري.