الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٤

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٤ - حرف التاء - توبة - أركان وشروط التوبة

رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا﴾ (١)، فَالاِسْتِغْفَارُ بِهَذَا الْمَعْنَى يَتَضَمَّنُ التَّوْبَةَ.

أَمَّا عِنْدَ اقْتِرَانِ إِحْدَى اللَّفْظَتَيْنِ بِالأُْخْرَى فَالاِسْتِغْفَارُ طَلَبُ وِقَايَةِ شَرِّ مَا مَضَى، وَالتَّوْبَةُ الرُّجُوعُ وَطَلَبُ وِقَايَةِ شَرِّ مَا يَخَافُهُ فِي الْمُسْتَقْبَل مِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِهِ (٢)، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: ﴿وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ﴾ (٣) .

أَرْكَانُ وَشُرُوطُ التَّوْبَةِ:

٤ - ذَكَرَ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ وَالْمُفَسِّرِينَ أَنَّ لِلتَّوْبَةِ أَرْبَعَةَ شُرُوطٍ: الإِْقْلاَعَ عَنِ الْمَعْصِيَةِ حَالًا، وَالنَّدَمَ عَلَى فِعْلِهَا فِي الْمَاضِي، وَالْعَزْمَ عَزْمًا جَازِمًا أَنْ لاَ يَعُودَ إِلَى مِثْلِهَا أَبَدًا. وَإِنْ كَانَتِ الْمَعْصِيَةُ تَتَعَلَّقُ بِحَقِّ آدَمِيٍّ، فَيُشْتَرَطُ فِيهَا رَدُّ الْمَظَالِمِ إِلَى أَهْلِهَا أَوْ تَحْصِيل الْبَرَاءَةِ مِنْهُمْ (٤) .

وَصَرَّحُوا كَذَلِكَ بِأَنَّ النَّدَمَ عَلَى الْمَعْصِيَةِ يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ لِلَّهِ؛ وَلِقُبْحِهَا شَرْعًا. وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ: النَّدَامَةُ عَلَى الْمَعْصِيَةِ لِكَوْنِهَا مَعْصِيَةً "؛ لأَِنَّ النَّدَامَةَ عَلَى الْمَعْصِيَةِ لإِضْرَارِهَا بِبَدَنِهِ، وَإِخْلاَلِهَا بِعِرْضِهِ أَوْ مَالِهِ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ لاَ تَكُونُ تَوْبَةً، فَلَوْ نَدِمَ عَلَى شُرْبِ الْخَمْرِ وَالزِّنَا

_________

(١) سورة نوح / ١٠.

(٢) مدارج السالكين ١ / ٣٠٧، ٣٠٩.

(٣) سورة هود / ٣.

(٤) البدائع ٧ / ٩٦، والفواكه الدواني ١ / ٨٨، ٨٩، وحاشية القليوبي ٤ / ٢٠١، والمغني ٩ / ٢٠١، والآداب الشرعية ١ / ١٠٠، وتفسير الألوسي ٢٨ / ١٥٩.