الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٤

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٤ -

عَمْدًا عُدْوَانًا، فَقَدْ ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ الْجَمْعَ يُقْتَلُونَ بِالْفَرْدِ الَّذِي تَمَّ التَّوَاطُؤُ عَلَى قَتْلِهِ، وَاسْتَدَلُّوا بِأَدِلَّةٍ: مِنْهَا، مَا رَوَى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَتَل سَبْعَةً مِنْ صَنْعَاءَ قَتَلُوا رَجُلًا وَقَال: لَوْ تَمَالأَ عَلَيْهِ أَهْل صَنْعَاءَ لَقَتَلْتهمْ جَمِيعًا (١) . وَعَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَتَل ثَلاَثَةً قَتَلُوا رَجُلًا، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَتَل جَمَاعَةً بِوَاحِدٍ، وَلَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ مَعَ شُهْرَتِهِ فَصَارَ إِجْمَاعًا سُكُوتِيًّا. قَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَلأَِنَّ الْقِصَاصَ عُقُوبَةٌ تَجِبُ لِلْوَاحِدِ عَلَى الْوَاحِدِ، فَوَجَبَتْ لِلْوَاحِدِ عَلَى الْجَمَاعَةِ كَحَدِّ الْقَذْفِ، وَيُفَارِقُ الدِّيَةَ فَإِنَّهَا تَتَبَعَّضُ وَالْقِصَاصُ لاَ يَتَبَعَّضُ؛ وَلأَِنَّ الْقِصَاصَ لَوْ سَقَطَ بِالاِشْتِرَاكِ أَدَّى إِلَى التَّسَارُعِ بِالْقَتْل بِهِ، فَيُؤَدِّي إِلَى إِسْقَاطِ حِكْمَةِ الرَّدْعِ وَالزَّجْرِ (٢) .

وَحُكِيَ عَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ أُخْرَى: لاَ يُقْتَلُونَ بِهِ وَتَجِبُ عَلَيْهِمِ الدِّيَةُ، وَهَذَا قَوْل ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَالزُّهْرِيِّ، وَابْنِ سِيرِينَ، وَرَبِيعَةَ، وَدَاوُد، وَابْنِ الْمُنْذِرِ، وَحُكِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.

وَقَال: وَرُوِيَ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ " وَغَيْرِهِ " أَنَّهُ يُقْتَل وَاحِدٌ مِنْهُمْ، وَيُؤْخَذُ مِنَ الْبَاقِينَ حِصَصُهُمْ مِنَ الدِّيَةِ؛ لأَِنَّ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمْ مُكَافِئٌ لَهُ فَلاَ تُسْتَوْفَى أَبْدَالٌ بِمُبْدَلٍ وَاحِدٍ، كَمَا لاَ تَجِبُ دِيَاتٌ

_________

(١) حديث: أثر عمر " لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم جميعا " سبق تخريجه.

(٢) المغني ٧ / ٦٧١، ٦٧٢.