الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٤

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٤ -

فَإِذَا ادَّعَى - مَثَلًا - اثْنَانِ عَيْنًا فِي يَدِ ثَالِثٍ وَأَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً، وَلاَ مُرَجِّحَ لإِحْدَاهُمَا عَلَى الأُْخْرَى، فَإِنَّهُمَا تَتَهَاتَرَانِ فِي أَصَحِّ الأَْقْوَال عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَإِحْدَى رِوَايَتَيْنِ لِلْحَنَابِلَةِ وَقَالُوا: لأَِنَّ إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ كَاذِبَةٌ بِيَقِينٍ لاِسْتِحَالَةِ الْمِلْكَيْنِ فِي الْكُل، وَلأَِنَّهُمَا حُجَّتَانِ تَعَارَضَتَا مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ لإِحْدَاهُمَا عَلَى الأُْخْرَى فَتَسَاقَطَتَا كَالْخَبَرَيْنِ.

وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: يُعْمَل بِالشَّهَادَتَيْنِ، وَيُقْسَمُ بَيْنَهُمَا بِالتَّسَاوِي، وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ كُلٍّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ، وَالْحَنَابِلَةِ (١) .

وَاسْتَدَلُّوا بِمَا وَرَدَ أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا إلَى رَسُول اللَّهِ ﷺ فِي نَاقَةٍ وَأَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً، فَقَضَى بِهِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ (٢)، قَالُوا: وَلأَِنَّ الْمُطْلِقَ لِلشَّهَادَةِ فِي مَا مَعَهُ كُلٌّ مِنْهُمَا مُحْتَمِلٌ الْوُجُودَ، بِأَنْ تَعْتَمِدَ إحْدَاهُمَا سَبَبَ الْمِلْكِ وَالأُْخْرَى الْيَدَ فَصَحَّتِ الشَّهَادَتَانِ، فَيَجِبُ الْعَمَل بِهِمَا مَا أَمْكَنَ، وَقَدْ أَمْكَنَ بِالتَّنْصِيفِ، لاِسْتِوَائِهِمَا فِي سَبَبِ الاِسْتِحْقَاقِ، وَهُوَ الشَّهَادَةُ.

وَمَدَارُ الْعَمَل بِالشَّهَادَتَيْنِ صِحَّتُهُمَا لاَ صِدْقُهُمَا فَإِنَّهُ مِمَّا لاَ يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الْعِبَادُ.

_________

(١) القليوبي وعميرة ٤ / ٧٤٣، والمغني ٩ / ٢٨٧، وفتح القدير ٦ / ٢١٧.

(٢) حديث: " أن رجلين اختصما إلى رسول الله ﷺ في ناقة. . . . " أخرجه أبو داود (٤ / ٣٧، ٣٨ - تحقيق عزت عبيد دعاس) . والببيهقي (١٠ / ٢٥٤، ٣٨ - ط دائرة المعارف العثمانية) وأعله البيهقي بالإرسال.