الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٤ -
وَالْفَرْقُ بَيْنَ تَنْقِيحِ الْمَنَاطِ وَإِلْغَاءِ الْفَارِقِ أَنَّ إِلْغَاءَ الْفَارِقِ لَيْسَ فِيهِ تَعْيِينٌ لِلْعِلَّةِ، وَإِنَّمَا يَحْصُل الإِْلْحَاقُ بِمُجَرَّدِ الإِْلْغَاءِ، أَمَّا تَنْقِيحُ الْمَنَاطِ فَفِيهِ اجْتِهَادٌ فِي تَعْيِينِ الْبَاقِي مِنَ الأَْوْصَافِ لِلْعِلِّيَّةِ، قَال الْبُنَانِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى شَرْحِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ: لاَ يَلْزَمُ مِنَ الْقَطْعِ بِإِلْغَاءِ الْفَارِقِ الْقَطْعُ بِعِلِّيَّةِ الْبَاقِي بَعْدَ الْفَارِقِ الْمُلْغَى؛ لِجَوَازِ أَنْ تَكُونَ الْعِلَّةُ أَمْرًا آخَرَ وَرَاءَهُمَا ثُمَّ قَال: وَالْحَاصِل أَنَّ هُنَا أَمْرَيْنِ: كَوْنَ الْفَارِقِ غَيْرَ مُعْتَبَرٍ فِي الْعِلِّيَّةِ، وَكَوْنَ الْبَاقِي بَعْدَ ذَلِكَ الْفَارِقِ هُوَ الْعِلَّةُ، وَلاَ يَلْزَمُ مِنْ ثُبُوتِ الأَْوَّل ثُبُوتُ الثَّانِي (١) .
غَيْرَ أَنَّ تَعْرِيفَ الشَّوْكَانِيِّ لِتَنْقِيحِ الْمَنَاطِ يَكَادُ يَكُونُ هُوَ تَعْرِيفُ إِلْغَاءِ الْفَارِقِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمَحَلِّيُّ فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ، مَعَ ذِكْرِ نَفْسِ الْمِثَال، وَيُفْهَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لاَ فَرْقَ بَيْنَهُمَا عِنْدَهُ.
قَال الشَّوْكَانِيُّ فِي تَعْرِيفِ تَنْقِيحِ الْمَنَاطِ: مَعْنَى تَنْقِيحِ الْمَنَاطِ عِنْدَ الأُْصُولِيِّينَ: إِلْحَاقُ الْفَرْعِ بِالأَْصْل بِإِلْغَاءِ الْفَارِقِ، بِأَنْ يُقَال: لاَ فَرْقَ بَيْنَ الأَْصْل وَالْفَرْعِ إلاَّ كَذَا، وَذَلِكَ لاَ مَدْخَل لَهُ فِي الْحُكْمِ أَلْبَتَّةَ فَيَلْزَمُ اشْتِرَاكُهُمَا فِي الْحُكْمِ؛ لاِشْتِرَاكِهِمَا فِي الْمُوجِبِ لَهُ، كَقِيَاسِ الأَْمَةِ عَلَى الْعَبْدِ فِي السِّرَايَةِ، فَإِنَّهُ لاَ فَرْقَ بَيْنَهُمَا إلاَّ الذُّكُورَةَ وَهُوَ مُلْغًى بِالإِْجْمَاعِ إِذْ لاَ مَدْخَل لَهُ فِي الْعِلِّيَّةِ (٢) .
_________
(١) حاشية البناني على جمع الجوامع ٢ / ٢٩٣.
(٢) إرشاد الفحول للشوكاني ص٢٢١، ٢٢٢.