الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٤

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٤ -

هَل لِلتَّنْفِيل حَدٌّ أَعْلَى؟ .

فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلتَّنْفِيل حَدٌّ أَعْلَى، فَلِلإِْمَامِ أَنْ يُنَفِّل السَّرِيَّةَ كُل مَا تَغْنَمُهُ، أَوْ بِقَدْرٍ مِنْهُ، كَأَنْ يَقُول: مَا أَصَبْتُمْ فَهُوَ لَكُمْ أَوْ لَكُمْ ثُلُثُهُ أَوْ رُبُعُهُ بَعْدَ الْخُمُسِ، أَوْ قَبْلَهُ، وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: لَيْسَ لِلإِْمَامِ أَنْ يَقُول ذَلِكَ لِلْعَسْكَرِ كُلِّهِ، وَقَال ابْنُ الْهُمَامِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ: لاَ يَجُوزُ أَنْ يَقُول ذَلِكَ لِلسَّرِيَّةِ أَيْضًا (١) .

وَلَيْسَ لِلتَّنْفِيل حَدٌّ أَعْلَى عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ بَل هُوَ مَوْكُولٌ بِاجْتِهَادِ الإِْمَامِ وَتَقْدِيرِهِ حَسَبَ قِيمَةِ الْعَمَل وَخَطَرِهِ، وَاسْتَدَلُّوا بِمَا رُوِيَ عَنْ حَبِيبِ بْنِ مَسْلَمَةَ أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ كَانَ يُنَفِّل الرُّبُعَ بَعْدَ الْخُمُسِ وَالثُّلُثَ بَعْدَ الْخُمُسِ إذَا نَفَّل (٢) .

وَهَذَا يَدُل عَلَى أَنَّهُ مَوْكُولٌ لاِجْتِهَادِ الإِْمَامِ (٣) .

وَقَال الْحَنَابِلَةُ: لاَ يَجُوزُ تَنْفِيل أَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ؛ لأَِنَّ نَفْل النَّبِيِّ ﷺ: لَمْ يَتَجَاوَزِ الثُّلُثَ (٤) .

_________

(١) حاشية ابن عابدين ٣ / ٢٤٠، والقليوبي ٣ / ١٩٣.

(٢) حديث حبيب بن مسلمة أن رسول الله ﷺ كان ينفل الربع بعد الخمس إذا نفل، أخرجه أبو داود (٣ / ١٨٢ - تحقيق عزت عبيد دعاس) وإسناده صحيح.

(٣) نهاية المحتاج ٦ / ١٤٦، ومغني المحتاج ٣ / ١٠٢، والقليوبي ٣ / ١٩٣.

(٤) المغني ٨ / ٣٨٠.