الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٣ -
الْمَتَاعُ بِتَعَدٍّ أَوْ تَفْرِيطٍ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ. وَاخْتَلَفُوا فِيمَا إِذَا تَلِفَ بِغَيْرِ تَعَدٍّ مِنْهُ أَوْ تَفْرِيطٍ.
فَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَزُفَرُ إِلَى أَنَّ يَدَهُ يَدُ أَمَانَةٍ فَلاَ يَضْمَنُ مَا تَلِفَ، لأَِنَّ الأَْصْل أَنْ لاَ يَجِبَ الضَّمَانُ إِلاَّ عَلَى الْمُتَعَدِّي، لِقَوْلِهِ ﷿ ﴿فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ﴾ (١) وَلَمْ يُوجَدِ التَّعَدِّي مِنَ الأَْجِيرِ لأَِنَّهُ مَأْذُونٌ فِي الْقَبْضِ، وَالْهَلاَكُ لَيْسَ مِنْ صُنْعِهِ فَلاَ يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَيْهِ، وَلِهَذَا لاَ يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى الْمُودَعِ. قَال الرَّبِيعُ: اعْتِقَادُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لاَ ضَمَانَ عَلَى الأَْجِيرِ، وَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِعِلْمِهِ، وَكَانَ لاَ يَبُوحُ بِهِ خَشْيَةَ قُضَاةِ السُّوءِ وَأُجَرَاءِ السُّوءِ.
وَذَهَبَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ إِلَى أَنَّهُ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ بِالتَّلَفِ، إِلاَّ فِي حَرْقٍ غَالِبٍ، أَوْ غَرَقٍ غَالِبٍ، أَوْ لُصُوصٍ مُكَابِرِينَ، فَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ لَوِ احْتَرَقَ مَحَل الأَْجِيرِ الْمُشْتَرَكُ بِسِرَاجٍ يَضْمَنُ الأَْجِيرُ، لأَِنَّ هَذَا لَيْسَ بِحَرِيقٍ غَالِبٍ، وَهُوَ الَّذِي يَقْدِرُ عَلَى اسْتِدْرَاكِهِ لَوْ عَلِمَ بِهِ، لأَِنَّهُ لَوْ عَلِمَ بِهِ لأَطْفَأَهُ فَلَمْ يَكُنْ مَوْضِعَ الْعُذْرِ.
وَاحْتَجَّا بِمَا رُوِيَ عَنْ رَسُول اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ قَال: عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَ (٢) . وَرُوِيَ
_________
(١) سورة البقرة / ١٩٣.
(٢) حديث: " على اليد ما أخذت حتى تؤدي " أخرجه أبو داود (٣ / ٨٢٢ - تحقيق عزت عبيد دعاس) من حديث سمرة بن جندب، وأعله ابن حجر بالاختلاف في سماع الحسن (الراوي عن سمرة) من سمرة. التلخيص (٣ / ٥٣ - ط شركة الطباعة الفنية) .