الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٣ -
الأَْصْل فِي التَّقِيَّةِ هُوَ الْحَظْرُ، وَجَوَازُهَا ضَرُورَةٌ، فَتُبَاحُ بِقَدْرِ الضَّرُورَةِ. قَال الْقُرْطُبِيُّ: وَالتَّقِيَّةُ لاَ تَحِل إِلاَّ مَعَ خَوْفِ الْقَتْل أَوِ الْقَطْعِ أَوِ الإِْيذَاءِ الْعَظِيمِ، وَلَمْ يُنْقَل مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ فِيمَا نَعْلَمُ إِلاَّ مَا رُوِيَ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَمُجَاهِدٍ مِنَ التَّابِعِينَ (١)، وَإِنَّمَا ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى ذَلِكَ لأَِنَّ اللَّهَ تَعَالَى نَصَّ عَلَيْهَا فِي كِتَابِهِ بِقَوْلِهِ: ﴿لاَ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَل ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً﴾ (٢) قَال ابْنُ عَبَّاسٍ فِي تَفْسِيرِهَا: نَهَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يُلاَطِفُوا الْكُفَّارَ، أَوْ يَتَّخِذُوهُمْ وَلِيجَةً مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ الْكُفَّارُ عَلَيْهِمْ ظَاهِرِينَ، فَيُظْهِرُونَ لَهُمُ اللُّطْفَ وَيُخَالِفُونَهُمْ فِي الدِّينِ (٣) .
٦ - وَمِنَ الأَْدِلَّةِ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ التَّقِيَّةِ لِلضَّرُورَةِ قَوْل اللَّهِ تَعَالَى: ﴿مَنْ كَفَرَ بِاَللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِْيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ (٤) وَسَبَبُ نُزُول الآْيَةِ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ أَخَذُوا عَمَّارًا فَلَمْ يَتْرُكُوهُ حَتَّى سَبَّ النَّبِيَّ ﷺ وَذَكَرَ آلِهَتَهُمْ بِخَيْرٍ، فَتَرَكُوهُ. فَلَمَّا أَتَى
_________
(١) تفسير القرطبي ٤ / ٥٧.
(٢) سورة آل عمران / ٢٨.
(٣) تفسير الطبري ٦ / ٢٢٨، ٣١٣، القاهرة. ومصطفى الحلبي ١٣٧٣هـ.
(٤) سورة النحل / ١٠٦.