الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٣

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٣ -

مُكَلَّفٌ بِالْعَمَل بِأَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ، وَقَدْ يَكُونُ فِي الأَْدِلَّةِ عَلَيْهَا خَفَاءٌ يُحْوِجُ إِلَى النَّظَرِ وَالاِجْتِهَادِ، وَتَكْلِيفُ الْعَوَّامِ رُتْبَةَ الاِجْتِهَادِ يُؤَدِّي إِلَى انْقِطَاعِ الْحَرْثِ وَالنَّسْل، وَتَعْطِيل الْحِرَفِ وَالصَّنَائِعِ، فَيُؤَدِّي إِلَى الْخَرَابِ، وَلأَِنَّ الصَّحَابَةَ ﵃ كَانَ يُفْتِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَيُفْتُونَ غَيْرَهُمْ، وَلاَ يَأْمُرُونَهُمْ بِنَيْل دَرَجَةِ الاِجْتِهَادِ. وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِسُؤَال الْعُلَمَاءِ فِي قَوْله تَعَالَى: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْل الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ﴾ (١) .

الثَّانِي: إِنَّ التَّقْلِيدَ مُحَرَّمٌ لاَ يَجُوزُ. قَال بِذَلِكَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَابْنُ الْقَيِّمِ، وَالشَّوْكَانِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذَمَّ التَّقْلِيدَ بِقَوْلِهِ: ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ (٢) وَقَوْلِهِ ﴿وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلاَ﴾ (٣) وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الآْيَاتِ، وَإِنَّ الأَْئِمَّةَ قَدْ نَهَوْا عَنْ تَقْلِيدِهِمْ، قَال أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ: لاَ يَحِل لأَِحَدٍ أَنْ يَقُول بِقَوْلِنَا حَتَّى يَعْلَمَ مِنْ أَيْنَ قُلْنَاهُ. وَقَال الْمُزَنِيُّ فِي أَوَّل مُخْتَصَرِهِ: اخْتَصَرْتُ هَذَا مِنْ عِلْمِ الشَّافِعِيِّ، وَمِنْ مَعْنَى قَوْلِهِ مَعَ إِعْلاَمِهِ نَهْيَهُ عَنْ تَقْلِيدِهِ وَتَقْلِيدِ غَيْرِهِ لِيُنْظَرَ فِيهِ لِدِينِهِ وَيَحْتَاطَ لِنَفْسِهِ وَقَال أَحْمَدُ: لاَ تُقَلِّدْنِي، وَلاَ تُقَلِّدْ مَالِكًا

_________

(١) سورة النحل / ٤٣.

(٢) سورة التوبة / ٣١.

(٣) سورة الأحزاب / ٦٧.