الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٣ -
قَالُوا: لِقَوْل النَّبِيِّ ﷺ مَنْ قَلَّدَ بُدْنَهُ فَقَدْ أَحْرَمَ (١) .
وَلأَِنَّ سَوْقَ الْهَدْيِ فِي مَعْنَى التَّلْبِيَةِ فِي إِظْهَارِ الإِْجَابَةِ؛ لأَِنَّهُ لاَ يَفْعَلُهُ إِلاَّ مُرِيدُ الْحَجِّ أَوِ الْعُمْرَةِ، وَإِظْهَارُ الإِْجَابَةِ قَدْ يَكُونُ بِالْفِعْل كَمَا يَكُونُ بِالْقَوْل، فَيَصِيرُ بِهِ مُحْرِمًا لاِتِّصَال النِّيَّةِ بِفِعْلٍ هُوَ مِنْ خَصَائِصِ الإِْحْرَامِ. وَلَوْ قَلَّدَ هَدْيًا دُونَ أَنْ يَنْوِيَ، أَوْ دُونَ أَنْ يَسُوقَهُ مُتَوَجِّهًا إِلَى الْبَيْتِ، فَلاَ يَكُونُ مُحْرِمًا. وَلَوْ قَلَّدَهُ وَأَرْسَل بِهِ وَلَمْ يَسُقْهُ لَمْ يَصِرْ مُحْرِمًا، لِحَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: كُنْتُ أَفْتِل الْقَلاَئِدَ لِهَدْيِ رَسُول اللَّهِ ﷺ فَيَبْعَثُ بِهِ ثُمَّ يُقِيمُ فِينَا حَلاَلًا (٢)، قَالُوا: ثُمَّ إِنْ تَوَجَّهَ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَصِرْ مُحْرِمًا حَتَّى يَلْحَقَ الْهَدْيَ، لأَِنَّهُ عِنْدَ التَّوَجُّهِ إِذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ يَدَيْهِ هَدْيٌ يَسُوقُهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ إِلاَّ مُجَرَّدُ النِّيَّةِ، فَلاَ يَصِيرُ بِهَا مُحْرِمًا، إِلاَّ هَدْيُ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُحْرِمًا بِتَقْلِيدِهِ وَبِالتَّوَجُّهِ وَلَوْ قَبْل أَنْ يُدْرِكَ الْهَدْيَ الَّذِي بَعَثَهُ أَمَامَهُ. هَذَا، وَإِنْ كَانَ الْهَدْيُ الَّذِي قَلَّدَهُ وَسَاقَهُ مِنَ الْغَنَمِ، فَإِنَّهُ لاَ يَصِيرُ بِذَلِكَ مُحْرِمًا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ؛ لأَِنَّ الْغَنَمَ لاَ يُسَنُّ تَقْلِيدُهَا عِنْدَهُمْ كَمَا تَقَدَّمَ (٣) .
_________
(١) حديث: " من قلد بدنة فقد أحرم. . . " أورده الزيلعي في نصب الراية وقال: " غريب مرفوعا، ووقفه ابن أبي شيبة في مصنفه على ابن عباس وابن عمر " نصب الراية (٣ / ٩٧ ط. المجلس العلمي بالهند) .
(٢) حديث عائشة: كنت أفتل القلائد لهدي رسول الله ﷺ فيبعث به. . . . " أخرجه مسلم (٢ / ٩٥٨ ط الحلبي) .
(٣) الهداية وفتح القدير ٢ / ٤٠٥ـ ٤٠٧، وحاشية ابن عابدين ٢ / ١٦٠، ١٦١