الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٣ -
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ عَلَى الْمَشْهُورِ - وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ - إِلَى أَنَّ أَرْضَ الزِّرَاعَةِ الْمَفْتُوحَ بَلَدُهَا عَنْوَةً، وَدُورَ الْكُفَّارِ لاَ تُقَسَّمُ، بَل تَصِيرُ وَقْفًا بِمُجَرَّدِ فَتْحِ بَلَدِهَا، وَيُصْرَفُ خَرَاجُهَا فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ (١) .
٥ - ثُمَّ اخْتَلَفَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ فِي اعْتِبَارِ التَّقْسِيمِ أَمْرًا مُلْزِمًا لِلإِْمَامِ أَمْ أَنَّ لَهُ خِيَارَاتٍ أُخْرَى:
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ - وَهُوَ قَوْلٌ لِلْمَالِكِيَّةِ - إِلَى أَنَّ الإِْمَامَ إِذَا فَتَحَ بَلْدَةً عَنْوَةً فَهُوَ بِالْخِيَارِ - إِنْ شَاءَ قَسَّمَهَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، كَمَا فَعَل رَسُول اللَّهِ ﷺ بِخَيْبَرَ، وَإِنْ شَاءَ أَقَرَّ أَهْلَهَا عَلَيْهَا وَوَضَعَ عَلَيْهِمُ الْجِزْيَةَ وَعَلَى أَرَاضِيِهِمُ الْخَرَاجَ، كَمَا فَعَل عُمَرُ ﵁ بِسَوَادِ الْعِرَاقِ (٢) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ - وَهُوَ رِوَايَةٌ أُخْرَى عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ - بِوُجُوبِ تَقْسِيمِ الأَْرَاضِي كَالْمَتَاعِ، لإِطْلاَقِ الآْيَةِ الْكَرِيمَةِ، وَعَمَلًا بِفِعْل النَّبِيِّ ﷺ بِأَرْضِ خَيْبَرَ (٣) .
وَيَرَى الْحَنَابِلَةُ عَلَى الْمَذْهَبِ تَخْيِيرَ الإِْمَامِ بَيْنَ تَقْسِيمِ الأَْرْضِ الَّتِي فُتِحَتْ عَنْوَةً، وَبَيْنَ وَقْفِهَا
_________
(١) القوانين الفقهية ص ١٠٠ ط دار القلم، والفواكه الدواني ١ / ٤٧٠، والإنصاف ٤ / ١٩٠.
(٢) البناية ٥ / ٦٨٦، والقوانين الفقهية ص ١٠٠.
(٣) الإقناع ٢ / ٢٧٥، والإنصاف ٤ / ١٩٠. وحديث: " تقسيم أرض خيبر " أخرجه البخاري (الفتح ٧ / ٤٩٠ - ط السلفية) من حديث عمر ﵁.