الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٣ -
وَمِنْهُمْ مَنْ قَال: الْحَبْسُ فِي التُّهَمِ إنَّمَا هُوَ لِوَالِي الْحَرْبِ دُونَ الْقَاضِي، وَقَدْ ذَكَرَ هَذَا طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ كَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيِّ وَالْمَاوَرْدِيِّ وَغَيْرِهِمَا وَطَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَدَ مِنَ الْمُصَنِّفِينَ فِي أَدَبِ الْقُضَاةِ وَغَيْرِهِمْ وَاخْتَلَفُوا فِي مِقْدَارِ الْحَبْسِ فِي التُّهْمَةِ هَل هُوَ مُقَدَّرٌ أَوْ مَرْجِعُهُ إِلَى اجْتِهَادِ الْوَالِي وَالْحَاكِمِ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ ذَكَرَهُمَا الْمَاوَرْدِيُّ وَأَبُو يَعْلَى وَغَيْرُهُمَا فَقَال الزُّبَيْرِيُّ: هُوَ مُقَدَّرٌ بِشَهْرٍ وَقَال الْمَاوَرْدِيُّ: غَيْرُ مُقَدَّرٍ (١) .
١٥ - (الْقِسْمُ الثَّالِثُ): أَنْ يَكُونَ الْمُتَّهَمُ مَعْرُوفًا بِالْفُجُورِ كَالسَّرِقَةِ وَقَطْعِ الطَّرِيقِ وَالْقَتْل وَنَحْوِ ذَلِكَ. قَال ابْنُ الْقَيِّمِ: وَيَسُوغُ ضَرْبُ هَذَا النَّوْعِ مِنَ الْمُتَّهَمِينَ كَمَا أَمَرَ النَّبِيُّ ﷺ الزُّبَيْرَ بِتَعْذِيبِ الْمُتَّهَمِ الَّذِي غَيَّبَ مَالَهُ حَتَّى أَقَرَّ بِهِ فِي قِصَّةِ ابْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ (٢)
قَال شَيْخُنَا: وَاخْتَلَفُوا فِيهِ هَل الَّذِي يَضْرِبُهُ الْوَالِي دُونَ الْقَاضِي أَوْ كِلاَهُمَا أَوْ لاَ يَسُوغُ ضَرْبُهُ؟ عَلَى ثَلاَثَةِ أَقْوَالٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّهُ يَضْرِبُهُ الْوَالِي أَوِ الْقَاضِي هَذَا قَوْل طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِمْ مِنْهُمْ أَشْهَبُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَاضِي مِصْرَ فَإِنَّهُ قَال:
_________
(١) الطرق الحكمية ص ٩٣، ١٠٠ - ١٠٣.
(٢) حديث: " أمر النبي ﷺ الزبير بتعذيب المتهم الذي غيب ماله حتى أقر به في قصة ابن أبي الحقيق ". أوردها ابن القيم في الطرق الحكمية ولم نعثر عليها في كتب الحديث التي بين أيدينا.