الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٣ -
عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ لَمَّا بَعَثَهُ رَسُول اللَّهِ ﷺ هُوَ وَالزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ فِي أَثَرِ الْمَرْأَةِ الَّتِي حَمَلَتْ خِطَابَ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ إِلَى أَهْل مَكَّةَ، وَفِي الْكِتَابِ إِخْبَارٌ بِمَا عَزَمَ عَلَيْهِ رَسُول اللَّهِ ﷺ مِنَ الْمَسِيرِ إِلَيْهِمْ، فَأَدْرَكَ عَلِيٌّ وَالزُّبَيْرُ الْمَرْأَةَ وَاسْتَنْزَلاَهَا وَالْتَمَسَا فِي رَحْلِهَا الْكِتَابَ فَلَمْ يَجِدَا شَيْئًا فَقَال لَهَا عَلِيٌّ ﵁: أَحْلِفُ بِاَللَّهِ مَا كَذَبَ رَسُول اللَّهِ ﷺ وَلاَ كَذَبْنَا، وَلْتُخْرِجِنَّ لَنَا هَذَا الْكِتَابَ أَوْ لَنَكْشِفَنَّكِ، فَلَمَّا رَأَتِ الْجِدَّ مِنْهُ اسْتَخْرَجَتِ الْكِتَابَ مِنْ قُرُونِ رَأْسِهَا (١) .
لَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا هَل يَكُونُ ذَلِكَ لِلْقَاضِي أَوْ لِوَالِي الْمَظَالِمِ؟
فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَبَعْضِ أَصْحَابِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْقَاضِي وَلِلْوَالِي ضَرْبُ الْمُتَّهَمِ ضَرْبَ تَقْرِيرٍ لأَِنَّ الْقَاضِيَ نَائِبٌ عَنِ الإِْمَامِ فِي تَنْفِيذِ الأَْحْكَامِ.
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَبَعْضِ أَصْحَابِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ يَكُونُ ذَلِكَ لِوَالِي الْمَظَالِمِ وَلاَ يَكُونُ لِلْقَاضِي، وَوَجْهُ هَذَا الْقَوْل أَنَّ الضَّرْبَ الْمَشْرُوعَ هُوَ ضَرْبُ الْحُدُودِ وَالتَّعْزِيرِ وَذَلِكَ إِنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ ثُبُوتِ أَسْبَابِهَا وَتَحَقُّقِهَا (٢) .
_________
(١) حديث: " بعث علي والزبير في أثر المرأة التي حملت خطاب حاطب ". أخرجه البخاري (الفتح ٦ / ١٤٣ط السلفية)، ومسلم (٤ / ١٩٤١ - ١٩٤٢ ط الحلبي) .
(٢) ابن عابدين ٣ / ١٤٨، ١٨٨، ١٩٥، والتبصرة ٢ / ١٣٩، ١٤٣، ١٤٧، والأحكام السلطانية للماوردي ٩٠ - ٩١، ومعين الحكام ص ٢١١، ٢١٢، والطرق الحكمية من ١٠١ إلى ١٠٤.