الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٣

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٣ -

أَنَّهُ قَال: كُل مَنْ سَأَلْتُ مِنْ أَهْل الْمَدِينَةِ لاَ يَرَى بِتَعْلِيمِ الْغِلْمَانِ بِالأَْجْرِ بَأْسًا.

وَلأَِنَّ الْحُفَّاظَ وَالْمُعَلِّمِينَ - نَظَرًا لِعَدَمِ وُجُودِ عَطِيَّاتٍ لَهُمْ فِي بَيْتِ الْمَال - رُبَّمَا اشْتَغَلُوا بِمَعَاشِهِمْ، فَلاَ يَتَفَرَّغُونَ لِلتَّعْلِيمِ حِسْبَةً، إِذْ حَاجَتُهُمْ تَمْنَعُهُمْ مِنْ ذَلِكَ، فَلَوْ لَمْ يُفْتَحْ لَهُمْ بَابُ التَّعْلِيمِ بِالأَْجْرِ لَذَهَبَ الْعِلْمُ وَقَل حُفَّاظُ الْقُرْآنِ.

قَال أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: التَّعْلِيمُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَتَوَكَّل لِهَؤُلاَءِ السَّلاَطِينِ، وَمِنْ أَنْ يَتَوَكَّل لِرَجُلٍ مِنْ عَامَّةِ النَّاسِ فِي ضَيْعَةٍ، وَمِنْ أَنْ يَسْتَدِينَ وَيَتَّجِرَ، لَعَلَّهُ لاَ يَقْدِرُ عَلَى الْوَفَاءِ فَيَلْقَى اللَّهَ بِأَمَانَاتِ النَّاسِ (١) . وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: جَوَازُ الاِسْتِئْجَارِ عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ، أَمَّا الإِْجَارَةُ عَلَى تَعْلِيمِ الْفِقْهِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْعُلُومِ، كَالنَّحْوِ وَالأُْصُول وَالْفَرَائِضِ فَإِنَّهَا مَكْرُوهَةٌ عِنْدَهُمْ. وَفَرَّقَ الْمَالِكِيَّةُ بَيْنَ جَوَازِ الإِْجَارَةِ عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ، وَكَرَاهَتِهَا عَلَى تَعْلِيمِ غَيْرِهِ: بِأَنَّ الْقُرْآنَ كُلَّهُ حَقٌّ لاَ شَكَّ فِيهِ، بِخِلاَفِ مَا عَدَاهُ مِمَّا هُوَ ثَابِتٌ بِالاِجْتِهَادِ، فَإِنَّ فِيهِ الْحَقَّ وَالْبَاطِل. وَأَيْضًا فَإِنَّ تَعْلِيمَ الْفِقْهِ بِأُجْرَةٍ لَيْسَ عَلَيْهِ الْعَمَل بِخِلاَفِ الْقُرْآنِ، كَمَا أَنَّ أَخْذَ

_________

(١) مطالب أولي النهى ٣ / ٦٣٨، والحطاب ٥ / ٤١٨، والمدونة ٤ / ٤١٩ نشر دار صادر بيروت، والزيلعي ٥ / ١٢٤، ١٢٥، والفتاوى الهندية ٤ / ٤٤٨، ابن عابدين ٥ / ٣٤، ٣٥.