الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٢ -
بِالْمَال، وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: سُئِل مَالِكٌ عَنِ اللَّبَنِ الْمَغْشُوشِ أَيُرَاقُ؟ قَال: لاَ، وَلَكِنْ أَرَى أَنْ يُتَصَدَّقَ بِهِ، إِذَا كَانَ هُوَ الَّذِي غَشَّهُ. وَقَال فِي الزَّعْفَرَانِ وَالْمِسْكِ الْمَغْشُوشِ مِثْل ذَلِكَ، سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا، وَخَالَفَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكَثِيرِ، وَقَال: يُبَاعُ الْمِسْكُ وَالزَّعْفَرَانُ عَلَى مَا يُغَشُّ بِهِ، وَيَتَصَدَّقُ بِالثَّمَنِ أَدَبًا لِلْغَاشِّ.
وَأَفْتَى ابْنُ الْقَطَّانِ الأَْنْدَلُسِيُّ فِي الْمَلاَحِفِ الرَّدِيئَةِ النَّسْجِ بِأَنْ تُحَرَّقَ. وَأَفْتَى ابْنُ عَتَّابٍ: بِتَقْطِيعِهَا وَالصَّدَقَةِ بِهَا خِرَقًا (١) .
وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ يَحْرُمُ التَّعْزِيرُ بِأَخْذِ الْمَال أَوْ إِتْلاَفِهِ؛ لأَِنَّ الشَّرْعَ لَمْ يَرِدْ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ عَمَّنْ يُقْتَدَى بِهِ.
وَخَالَفَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ وَابْنُ الْقَيِّمِ، فَقَالاَ: إِنَّ التَّعْزِيرَ بِالْمَال سَائِغٌ إِتْلاَفًا وَأَخْذًا (٢) .
وَاسْتَدَلاَّ لِذَلِكَ بِأَقْضِيَةٍ لِلرَّسُول ﷺ كَإِبَاحَتِهِ سَلْبَ مَنْ يَصْطَادُ فِي حَرَمِ الْمَدِينَةِ لِمَنْ يَجِدُهُ، وَأَمْرِهِ بِكَسْرِ دِنَانِ الْخَمْرِ، وَشَقِّ ظُرُوفِهَا، وَأَمْرِهِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ ﵄ بِحَرْقِ الثَّوْبَيْنِ الْمُعَصْفَرَيْنِ، وَتَضْعِيفِهِ الْغَرَامَةَ عَلَى مَنْ
_________
(١) تبصرة الحكام ص ٤٦٨، والطرق الحكمية ص ٢٥٠.
(٢) كشاف القناع ٤ / ٧٤ - ٧٥، وشرح المنتهى على هامشه ص ١١٠، والحسبة ص ٤٠، والأحكام السلطانية لأبي يعلى ص ٢٩٥.