الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٢ -
وَالسَّجْنِ، وَأَنَّهُ قَال فِيمَنْ أَمْسَكَ رَجُلًا لآِخَرَ حَتَّى قَتَلَهُ: اقْتُلُوا الْقَاتِل، وَاصْبِرُوا الصَّابِرَ (١) . وَفُسِّرَتْ عِبَارَةُ اصْبِرُوا الصَّابِرَ بِحَبْسِهِ حَتَّى الْمَوْتِ؛ لأَِنَّهُ حَبَسَ الْمَقْتُول لِلْمَوْتِ بِإِمْسَاكِهِ إِيَّاهُ.
وَأَمَّا الإِْجْمَاعُ فَقَدْ أَجْمَعَ الصَّحَابَةُ ﵃، وَمَنْ بَعْدَهُمْ، عَلَى الْمُعَاقَبَةِ بِالْحَبْسِ. وَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْحَبْسَ يَصْلُحُ عُقُوبَةً فِي التَّعْزِيرِ. وَمِمَّا جَاءَ فِي هَذَا الْمَقَامِ: أَنَّ عُمَرَ ﵁ سَجَنَ الْحُطَيْئَةَ عَلَى الْهَجْوِ، وَسَجَنَ صَبِيغًا عَلَى سُؤَالِهِ عَنِ الذَّارِيَاتِ، وَالْمُرْسَلاَتِ، وَالنَّازِعَاتِ، وَشِبْهِهِ، وَأَنَّ عُثْمَانَ ﵁ سَجَنَ ضَابِئَ بْنَ الْحَارِثِ، وَكَانَ مِنْ لُصُوصِ بَنِي تَمِيمٍ وَفُتَّاكِهِمْ، وَأَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ ﵁ سَجَنَ بِالْكُوفَةِ. وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ ﵁ سَجَنَ بِمَكَّةَ، وَسَجَنَ فِي " دَارِمٍ " مُحَمَّدَ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ لَمَّا امْتَنَعَ عَنْ بَيْعَتِهِ (٢) .
_________
(١) حديث: " اقتلوا القاتل واصبروا الصابر ". أخرجه البيهقي (٨ / ٥١ - ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث إسماعيل بن أمية مرسلا. وأورده قبله بلفظ مقارب، ولكنه رجح الإرسال، ومن قبله الدارقطني (٣ / ١٤٠ - ط دار المحاسن) .
(٢) أقضية الرسول ﷺ لأبي عبد الله محمد بن فرح المالكي القرطبي ص ٥ - ٦، وتبصرة الحكام ٢ / ٣٧٣، والزيلعي ٣ / ٢٠٧ و٤ / ١٧٩ - ١٨٠، وابن عابدين ٤ / ٣٢٦، وفتح القدير ٦ / ٣٧٥، والمغني ١٠ / ٣١٣ - ٣١٤ - ٣٤٨، والسياسة الشرعية ص ٥٤، وكشاف القناع ٤ / ٧٤، والماوردي ص ٢٢٤.