الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٢ -
أُخْرَى، ثُمَّ ثَالِثَةً، وَلَمْ يُخَالِفْهُ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ فَكَانَ إِجْمَاعًا، كَمَا أَنَّهُ ضَرَبَ صَبِيغَ بْنَ عِسْلٍ أَكْثَرَ مِنَ الْحَدِّ (١) . وَرَوَى أَحْمَدُ بِإِسْنَادِهِ أَنَّ عَلِيًّا ﵁ أُتِيَ بِالنَّجَاشِيِّ قَدْ شَرِبَ خَمْرًا فِي رَمَضَانَ فَجَلَدَهُ ثَمَانِينَ (الْحَدَّ) وَعِشْرِينَ سَوْطًا، لِفِطْرِهِ فِي رَمَضَانَ.
كَمَا رُوِيَ: أَنَّ أَبَا الأَْسْوَدِ اسْتَخْلَفَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ ﵄ عَلَى قَضَاءِ الْبَصْرَةِ فَأُتِيَ بِسَارِقٍ قَدْ جَمَعَ الْمَتَاعَ فِي الْبَيْتِ وَلَمْ يُخْرِجْهُ، فَضَرَبَهُ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ سَوْطًا وَخَلَّى سَبِيلَهُ (٢) . وَقَالُوا فِي حَدِيثِ أَبِي بُرْدَةَ ﵁: لاَ يُجْلَدُ أَحَدٌ فَوْقَ عَشَرَةِ أَسْوَاطٍ إِلاَّ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ (٣) إِنَّهُ مَقْصُورٌ عَلَى زَمَنِ الرَّسُول ﷺ؛ لأَِنَّهُ كَانَ يَكْفِي الْجَانِيَ مِنْهُمْ هَذَا الْقَدْرُ، وَتَأَوَّلُوهُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ: فِي حَدٍّ، أَيْ فِي حَقٍّ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنَ الْمَعَاصِي الْمُقَدَّرِ حُدُودُهَا لأَِنَّ الْمَعَاصِيَ كُلَّهَا مِنْ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى (٤) .
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: أَنَّ التَّعْزِيرَ إِنْ كَانَ بِالْجَلْدِ فَإِنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَنْقُصَ عَنْ أَقَل حُدُودِ مَنْ يَقَعُ عَلَيْهِ
_________
(١) كان يعنت الجند بالمشتبهات والتساؤلات فضربه سيدنا عمر ﵁ ونفاه إلى البصرة.
(٢) تبصرة الحكام ٢ / ٢٠٤، والمغني ١٠ / ٣٤٨، وفتح القدير ٥ / ١١٥ - ١١٦.
(٣) حديث: " لا يجلد أحد فوق عشرة أسواط إلا في حد. . . " تقدم تخريجه.
(٤) تبصرة الحكام ٢ / ٢٠٥.