الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٢ -
لِلإِْنْسَانِ، فَمِنْهُ تَعْذِيبُ الأَْسْرَى، فَقَدْ ذَكَرَ الْفُقَهَاءُ عَدَمَ جَوَازِ تَعْذِيبِهِمْ، لأَِنَّ الإِْسْلاَمَ يَدْعُو إِلَى الرِّفْقِ بِالأَْسْرَى، وَإِطْعَامِهِمْ، قَال اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا﴾ (١) وَفِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ لاَ تَجْمَعُوا عَلَيْهِمْ حَرَّ الشَّمْسِ، وَحَرَّ السِّلاَحِ، قِيلُوهُمْ حَتَّى يَبْرُدُوا (٢) وَهَذَا الْكَلاَمُ فِي أَسَارَى بَنِي قُرَيْظَةَ، حِينَمَا كَانُوا فِي الشَّمْسِ. (٣)
وَإِذَا كَانَ هُنَاكَ خَوْفُ الْفِرَارِ، فَيَصِحُّ حَبْسُ الأَْسِيرِ مِنْ غَيْرِ تَعْذِيبٍ، وَإِذَا رُجِيَ أَنْ يَدُل عَلَى أَسْرَارِ الْعَدُوِّ جَازَ تَهْدِيدُهُ وَتَعْذِيبُهُ بِالْقَدْرِ الْكَافِي، لِتَحْقِيقِ ذَلِكَ، وَدَلِيل ذَلِكَ: مَا رُوِيَ عَنِ الرَّسُول ﷺ: أَنَّهُ أَمَرَ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ بِتَعْذِيبِ مَنْ كَتَمَ خَبَرَ الْمَال، الَّذِي كَانَ ﷺ قَدْ عَاهَدَهُمْ عَلَيْهِ، وَقَال لَهُ: أَيْنَ كَنْزُ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ؟ فَقَال: يَا مُحَمَّدُ، أَنْفَذَتْهُ النَّفَقَاتُ وَالْحُرُوبُ، فَقَال: الْمَال كَثِيرٌ وَالْمَسْأَلَةُ أَقْرَبُ، وَقَال لِلزُّبَيْرِ: دُونَكَ هَذَا. فَمَسَّهُ الزُّبَيْرُ بِشَيْءٍ مِنَ الْعَذَابِ، فَدَلَّهُمْ عَلَى الْمَال. (٤)
_________
(١) سورة الإنسان / ٨.
(٢) حديث: " لا تجمعوا عليهم حر الشمس وحر السلاح ". أخرجه الواقدي في كتاب المغازي (٢ / ٥١٤ - نشر مؤسسة الأعلمي) .
(٣) شرح السير الكبير ٣ / ١٠٢٩، وفتح الباري ١ / ٥٥٥، والتاج والإكليل بهامش مواهب الجليل ٣ / ٣٥٣، والنووي شرح صحيح مسلم ١٣ / ٨٧.
(٤) حديث: " أمر بتعذيب من كتم خبر المال ". أورده ابن عابدين وحاشيته (٣ / ١٩٥) ولم نجده فيما بين أيدينا من كتاب السنة.