الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٢

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٢ -

الْمُعَيَّنَةِ رُبَّمَا أَسْقَطَ مَا هُوَ مَقْصُودٌ أَيْضًا مِنْ شَرْعِ الْحُكْمِ.

الثَّانِي: أَنْ يُقْصَدَ بِهَا مَا عَسَى أَنْ يَقْصِدَهُ الشَّارِعُ، مِمَّا اطَّلَعَ عَلَيْهِ أَوْ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ.

وَهَذَا أَكْمَل مِنَ الْقَصْدِ الأَْوَّل، إِلاَّ أَنَّهُ رُبَّمَا فَاتَهُ النَّظَرُ إِلَى التَّعَبُّدِ.

الثَّالِثُ: أَنْ يُقْصَدَ مُجَرَّدُ امْتِثَال الأَْمْرِ، فُهِمَ قَصْدُ الْمَصْلَحَةِ أَوْ لَمْ يُفْهَمْ.

قَال: فَهَذَا أَكْمَل وَأَسْلَمُ.

أَمَّا كَوْنُهُ أَكْمَل فَلأَِنَّهُ نَصَبَ نَفْسَهُ عَبْدًا مُؤْتَمَرًا وَمَمْلُوكًا مُلَبِّيًا، إِذْ لَمْ يَعْتَبِرْ إِلاَّ مُجَرَّدَ الأَْمْرِ. وَقَدْ وُكِّل الْعِلْمُ بِالْمَصْلَحَةِ إِلَى الْعَالِمِ بِهَا جُمْلَةً وَتَفْصِيلًا وَهُوَ اللَّهُ تَعَالَى.

وَأَمَّا كَوْنُهُ أَسْلَمَ؛ فَلأَِنَّ الْعَامِل بِالاِمْتِثَال عَامِلٌ بِمُقْتَضَى الْعُبُودِيَّةِ، فَإِنْ عَرَضَ لَهُ قَصْدٌ غَيْرَ اللَّهِ رَدَّهُ قَصْدُ التَّعَبُّدِ (١) .

فَهَذَا الَّذِي قَالَهُ يَتَجَلَّى فِي التَّعَبُّدِيَّاتِ أَكْثَرَ مِمَّا يَظْهَرُ فِيمَا كَانَ مَعْقُول الْمَعْنَى مِنَ الأَْحْكَامِ.

وَمَذْهَبُ الْغَزَالِيِّ فِي ذَلِكَ أَيْضًا أَنَّ التَّعَبُّدِيَّ أَفْضَل، كَمَا هُوَ وَاضِحٌ فِيمَا تَقَدَّمَ النَّقْل عَنْهُ مِنْ قَوْلِهِ: إِنَّ مَا لاَ يُهْتَدَى لِمَعَانِيهِ أَبْلَغُ أَنْوَاعِ التَّعَبُّدَاتِ فِي تَزْكِيَةِ النُّفُوسِ (٢) .

وَفِي حَاشِيَةِ ابْنِ عَابِدِينَ: أَنَّ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ فِي الأَْفْضَلِيَّةِ هُمَا عَلَى سَبِيل الإِْجْمَال، أَمَّا بِالنَّظَرِ

_________

(١) الموافقات ٢ / ٣٧٣، ٤٧٤.

(٢) إحياء علوم الدين بحاشية شرح الزبيدي ٤ / ٤٤٤.