الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٢

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٢ - حرف التاء - تعبدي - المفاضلة بين التعبدي ومعقول المعنى

الْمُفَاضَلَةُ بَيْنَ التَّعَبُّدِيِّ وَمَعْقُول الْمَعْنَى:

١٩ - نَقَل ابْنُ عَابِدِينَ عَنْ صَاحِبِ الْفَتَاوَى التُّمُرْتَاشِيَّةَ أَنَّهُ قَال: لَمْ أَقِفْ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لِعُلَمَائِنَا فِي هَذَا، سِوَى قَوْلِهِمْ: الأَْصْل فِي النُّصُوصِ التَّعْلِيل، فَإِنَّهُ يُشِيرُ إِلَى أَفْضَلِيَّةِ الْمَعْقُول مَعْنَاهُ. قَال: وَوَقَفْتُ عَلَى ذَلِكَ فِي فَتَاوَى ابْنِ حَجَرٍ، قَال: قَضِيَّةُ كَلاَمِ ابْنِ عَبْدِ السَّلاَمِ أَنَّ التَّعَبُّدِيَّ أَفْضَل؛ لأَِنَّهُ بِمَحْضِ الاِنْقِيَادِ، بِخِلاَفِ مَا ظَهَرَتْ عِلَّتُهُ، فَإِنَّ مُلاَبِسَهُ قَدْ يُفْعَل لِتَحْصِيل فَائِدَتِهِ، وَخَالَفَهُ الْبُلْقِينِيُّ فَقَال: لاَ شَكَّ أَنَّ مَعْقُول الْمَعْنَى مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ أَفْضَل؛ لأَِنَّ أَكْثَرَ الشَّرِيعَةِ كَذَلِكَ (١) .

وَظَاهِرُ كَلاَمِ الشَّاطِبِيِّ الأَْخْذُ بِقَوْل مَنْ يَقُول: إِنَّ التَّعَبُّدِيَّ أَفْضَل، وَذَلِكَ حَيْثُ قَال: إِنَّ التَّكَالِيفَ إِذَا عُلِمَ قَصْدُ الْمَصْلَحَةِ فِيهَا فَلِلْمُكَلَّفِ فِي الدُّخُول تَحْتَهَا ثَلاَثَةُ أَحْوَالٍ:

الأَْوَّل: أَنْ يَقْصِدَ بِهَا مَا فُهِمَ مِنْ مَقْصِدِ الشَّارِعِ فِي شَرْعِهَا. وَهَذَا لاَ إِشْكَال فِيهِ، وَلَكِنْ لاَ يَنْبَغِي أَنْ يُخَلِّيَهُ مِنْ قَصْدِ التَّعَبُّدِ، فَكَمْ مِمَّنْ فَهِمَ الْمَصْلَحَةَ فَلَمْ يَلْوِ عَلَى غَيْرِهَا، فَغَابَ عَنْ أَمْرِ الآْمِرِ بِهَا. وَهِيَ غَفْلَةٌ تُفَوِّتُ خَيْرَاتٍ كَثِيرَةً، بِخِلاَفِ مَا إِذَا لَمْ يُهْمَل التَّعَبُّدَ. ثُمَّ إِنَّ الْمَصَالِحَ لاَ يَقُومُ دَلِيلٌ عَلَى انْحِصَارِهَا فِيمَا عُلِمَ إِلاَّ نَادِرًا، فَإِذَا لَمْ يَثْبُتِ الْحَصْرُ كَانَ قَصْدُ تِلْكَ الْحِكْمَةِ

_________

(١) حاشية ابن عابدين ١ / ٣٠١.