الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٢ -
الشَّاطِبِيُّ مِنَ الأَْدِلَّةِ الَّتِي اسْتَقْرَأَهَا قَوْله تَعَالَى فِي شَأْنِ الْوُضُوءِ وَالْغُسْل ﴿مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَل عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ (١) وَفِي الصِّيَامِ ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ (٢) وَفِي الْقِصَاصِ ﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الأَْلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ (٣) وَآيَاتٌ نَحْوُ هَذِهِ (٤) .
وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى مِثْل ذَلِكَ ابْنُ الْقَيِّمِ، حَيْثُ قَال: قَالَتْ طَائِفَةٌ: إِنَّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ تَعَبُّدٌ مَحْضٌ، وَهَذَا بَاطِلٌ، فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي الشَّرِيعَةِ حُكْمٌ وَاحِدٌ إِلاَّ وَلَهُ مَعْنًى وَحِكْمَةٌ، يَعْقِلُهُ مَنْ يَعْقِلُهُ، وَيَخْفَى عَلَى مَنْ خَفِيَ عَلَيْهِ (٥) . وَقَرَّرَ هَذَا الْمَعْنَى تَقْرِيرًا أَوْسَعَ فَقَال: شَرَعَ اللَّهُ الْعُقُوبَاتِ، وَرَتَّبَهَا عَلَى أَسْبَابِهَا، جِنْسًا وَقَدْرًا، فَهُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَأَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ وَأَعْلَمُ الْعَالِمِينَ، وَمَنْ أَحَاطَ بِكُل شَيْءٍ عِلْمًا، وَعَلِمَ مَا كَانَ وَمَا يَكُونُ، وَأَحَاطَ عِلْمُهُ بِوُجُوهِ الْمَصَالِحِ دَقِيقِهَا وَجَلِيلِهَا وَخَفِيِّهَا وَظَاهِرِهَا، مَا يُمْكِنُ اطِّلاَعُ الْبَشَرِ عَلَيْهِ
_________
(١) سورة المائدة / ٥.
(٢) سورة البقرة / ١٨٣.
(٣) سورة البقرة / ١٧٩.
(٤) الموافقات ٢ / ٦، ٧.
(٥) إعلام الموقعين ٢ / ٨٦.