الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٢

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٢ -

٣ - هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي تَعْرِيفِ التَّعَبُّدِيَّاتِ. وَقَدْ لاَحَظَ الشَّاطِبِيُّ فِي مُوَافَقَاتِهِ أَنَّ حِكْمَةَ الْحُكْمِ قَدْ تَكُونُ مَعْلُومَةً عَلَى وَجْهِ الإِْجْمَال، وَلاَ يُخْرِجُهُ ذَلِكَ عَنْ كَوْنِهِ تَعَبُّدِيًّا مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ، مَا لَمْ يُعْقَل مَعْنَاهُ عَلَى وَجْهِ الْخُصُوصِ. قَال: وَمِنْ ذَلِكَ: طَلَبُ الصَّدَاقِ فِي النِّكَاحِ، وَالذَّبْحُ فِي الْمَحَل الْمَخْصُوصِ فِي الْحَيَوَانِ الْمَأْكُول، وَالْفُرُوضُ الْمُقَدَّرَةُ فِي الْمَوَارِيثِ، وَعَدَدُ الأَْشْهُرِ فِي عِدَّةِ الطَّلاَقِ وَالْوَفَاةِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الأُْمُورِ الَّتِي لاَ مَجَال لِلْعُقُول فِي فَهْمِ مَصَالِحِهَا الْجُزْئِيَّةِ، حَتَّى يُقَاسُ عَلَيْهَا غَيْرُهَا. فَإِنَّا نَعْلَمُ أَنَّ الشُّرُوطَ الْمُعْتَبَرَةَ فِي النِّكَاحِ، مِنَ الْوَلِيِّ وَالصَّدَاقِ وَشِبْهِ ذَلِكَ، هِيَ لِتَمْيِيزِ النِّكَاحِ عَنِ السِّفَاحِ، وَأَنَّ فُرُوضَ الْمَوَارِيثِ تَرَتَّبَتْ عَلَى تَرْتِيبِ الْقُرْبَى مِنَ الْمَيِّتِ، وَأَنَّ الْعِدَدَ وَالاِسْتِبْرَاءَاتِ، الْمُرَادُ بِهَا اسْتِبْرَاءُ الرَّحِمِ خَوْفًا مِنِ اخْتِلاَطِ الْمِيَاهِ، وَلَكِنَّهَا أُمُورٌ جُمَلِيَّةٌ، كَمَا أَنَّ الْخُضُوعَ وَالإِْجْلاَل عِلَّةُ شَرْعِ الْعِبَادَاتِ. وَهَذَا الْمِقْدَارُ لاَ يَقْضِي بِصِحَّةِ الْقِيَاسِ عَلَى الأَْصْل فِيهَا، بِحَيْثُ يُقَال: إِذَا حَصَل الْفَرْقُ بَيْنَ النِّكَاحِ وَالسِّفَاحِ بِأُمُورٍ أُخَرَ مَثَلًا، لَمْ تُشْتَرَطْ تِلْكَ الشُّرُوطُ. وَمَتَى عُلِمَ بَرَاءَةُ الرَّحِمِ لَمْ تُشْرَعِ الْعِدَّةُ بِالأَْقْرَاءِ وَلاَ بِالأَْشْهُرِ، وَلاَ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ (١) .

_________

(١) الموافقات ٢ / ٣٠٨، ٣١٨.