الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٢ -
٤ - وَقَال ابْنُ قُدَامَةَ فِي الاِسْتِدْلاَل لِمَشْرُوعِيَّةِ بَيْعِ التَّعَاطِي: إِنَّ اللَّهَ أَحَل الْبَيْعَ، وَلَمْ يُبَيِّنْ كَيْفِيَّتَهُ، فَوَجَبَ الرُّجُوعُ فِيهِ إِلَى الْعُرْفِ، كَمَا رَجَعَ إِلَيْهِ فِي الْقَبْضِ وَالإِْحْرَازِ وَالتَّفَرُّقِ. وَالْمُسْلِمُونَ فِي أَسْوَاقِهِمْ وَبِيَاعَاتِهِمْ عَلَى ذَلِكَ. وَلأَِنَّ الْبَيْعَ كَانَ مَوْجُودًا بَيْنَهُمْ مَعْلُومًا عِنْدَهُمْ، وَإِنَّمَا عَلَّقَ الشَّرْعُ عَلَيْهِ أَحْكَامًا، وَأَبْقَاهُ عَلَى مَا كَانَ، فَلاَ يَجُوزُ تَغْيِيرُهُ بِالرَّأْيِ وَالتَّحَكُّمِ، وَلَمْ يُنْقَل عَنِ النَّبِيِّ ﷺ وَلاَ عَنْ أَصْحَابِهِ - مَعَ كَثْرَةِ وُقُوعِ الْبَيْعِ بَيْنَهُمْ - اسْتِعْمَال الإِْيجَابِ وَالْقَبُول، وَلَوِ اسْتَعْمَلُوا ذَلِكَ فِي بِيَاعَاتِهِمْ لَنُقِل نَقْلًا شَائِعًا. وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ شَرْطًا لَوَجَبَ نَقْلُهُ، وَلَمْ يُتَصَوَّرْ مِنْهُمْ إِهْمَالُهُ وَالْغَفْلَةُ عَنْ نَقْلِهِ؛ وَلأَِنَّ الْبَيْعَ مِمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى فَلَوِ اشْتُرِطَ لَهُ الإِْيجَابُ وَالْقَبُول لَبَيَّنَهُ ﷺ بَيَانًا عَامًّا، وَلَمْ يَخْفَ حُكْمُهُ؛ لأَِنَّهُ يُفْضِي إِلَى وُقُوعِ الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ كَثِيرًا وَأَكْلِهِمُ الْمَال بِالْبَاطِل، وَلَمْ يُنْقَل ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ وَلاَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فِيمَا عَلِمْنَاهُ. وَلأَِنَّ النَّاسَ يَتَبَايَعُونَ فِي أَسْوَاقِهِمْ بِالْمُعَاطَاةِ فِي كُل عَصْرٍ.
وَلَمْ يُنْقَل إِنْكَارُهُ قَبْل مُخَالِفِينَا، فَكَانَ ذَلِكَ إِجْمَاعًا. وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي الإِْيجَابِ وَالْقَبُول فِي الْهِبَةِ وَالْهَدِيَّةِ وَالصَّدَقَةِ، وَلَمْ يُنْقَل عَنِ النَّبِيِّ ﷺ وَلاَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ اسْتِعْمَال ذَلِكَ فِيهِ، وَقَدْ أُهْدِيَ إِلَى رَسُول اللَّهِ ﷺ مِنَ الْحَبَشَةِ