الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٢ -
وَأَيْضًا فَإِنَّ الإِْشَارَةَ قَدْ لاَ تُعَيِّنُ الْمُشَارَ إِلَيْهِ، فَإِنَّهَا إِنَّمَا تَتَعَلَّقُ بِالْجَبْهَةِ لأَِجْل الْعِبَارَةِ، فَإِذَا تَقَارَبَ مَا فِي الْجَبْهَةِ أَمْكَنَ أَنْ لاَ يُعَيَّنَ الْمُشَارُ إِلَيْهِ تَعْيِينًا. وَأَمَّا الْعِبَارَةُ: فَإِنَّهَا مُعَيَّنَةٌ لِمَا وُصِفَتْ لَهُ، فَتَقْدِيمُهُ أَوْلَى. وَمَا ذَكَرَهُ مِنَ الاِقْتِصَارِ عَلَى بَعْضِ الْجَبْهَةِ قَال بِهِ كَثِيرٌ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ، ثُمَّ قَال: وَنَقَل ابْنُ الْمُنْذِرِ إِجْمَاعَ الصَّحَابَةِ: عَلَى أَنَّهُ لاَ يُجْزِئُ السُّجُودُ عَلَى الأَْنْفِ وَحْدَهُ. وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّهُ يُجْزِئُ عَلَى الْجَبْهَةِ وَحْدَهَا.
وَعَنِ الأَْوْزَاعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَابْنِ حَبِيبٍ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ: يَجِبُ أَنْ يَجْمَعَهُمَا، وَهُوَ قَوْل الشَّافِعِيِّ أَيْضًا.
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: إِذَا اجْتَمَعَتِ الإِْشَارَةُ إِلَى شَيْءٍ، وَالْعِبَارَةُ عَنْهُ فِي الْمَهْرِ - فَالأَْصْل أَنَّ الْمُسَمَّى إِذَا كَانَ مِنْ جِنْسِ الْمُشَارِ إِلَيْهِ يَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ بِالْمُشَارِ إِلَيْهِ؛ لأَِنَّ الْمُسَمَّى مَوْجُودٌ فِي الْمُشَارِ إِلَيْهِ ذَاتًا، وَالْوَصْفُ يَتْبَعُهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ خِلاَفِ جِنْسِهِ يَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ بِالْمُسَمَّى؛ لأَِنَّ الْمُسَمَّى مِثْل الْمُشَارِ إِلَيْهِ، وَلَيْسَ بِتَابِعٍ لَهُ. وَالتَّسْمِيَةُ أَبْلَغُ فِي التَّعْرِيفِ، مِنْ حَيْثُ إِنَّهَا تُعَرِّفُ الْمَاهِيَّةَ، وَالإِْشَارَةُ تُعَرِّفُ الذَّاتَ. فَمَنِ اشْتَرَى فَصًّا عَلَى أَنَّهُ يَاقُوتٌ، فَإِذَا هُوَ زُجَاجٌ لاَ يَنْعَقِدُ الْعَقْدُ، لاِخْتِلاَفِ الْجِنْسِ. وَلَوِ اشْتَرَى عَلَى أَنَّهُ يَاقُوتٌ أَحْمَرُ فَإِذَا هُوَ أَخْضَرُ، انْعَقَدَ الْعَقْدُ لاِتِّحَادِ الْجِنْسِ.