الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٢ - حرف التاء - تطير - حكمه التكليفي
أَصْل التَّطَيُّرِ:
٤ - أَصْل التَّطَيُّرِ: أَنَّ الْعَرَبَ كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا خَرَجَ أَحَدُهُمْ لأَِمْرٍ قَصَدَ إِلَى عُشِّ طَائِرٍ، فَيُهَيِّجُهُ، فَإِذَا طَارَ الطَّيْرُ يَمْنَةً تَيَمَّنَ بِهِ، وَمَضَى فِي الأَْمْرِ، وَيُسَمُّونَهُ " السَّانِحَ ". أَمَّا إِذَا طَارَ يَسْرَةً تَشَاءَمَ بِهِ، وَرَجَعَ عَمَّا عَزَمَ عَلَيْهِ، وَكَانُوا يُسَمُّونَهُ " الْبَارِحَ ". فَأَبْطَل الإِْسْلاَمُ ذَلِكَ وَنَهَى عَنْهُ، وَأَرْجَعَ الأَْمْرَ إِلَى سُنَنِ اللَّهِ الثَّابِتَةِ، وَإِلَى قَدَرِهِ الْمُحِيطِ، وَمَشِيئَتِهِ الْمُطْلَقَةِ (١)، جَاءَ فِي الأَْثَرِ الصَّحِيحِ: مَنْ رَدَّتْهُ الطِّيَرَةُ مِنْ حَاجَةٍ فَقَدْ أَشْرَكَ (٢) وَنَحْوُهُ كَثِيرٌ.
حُكْمُهُ التَّكْلِيفِيُّ:
٥ - إِنِ اعْتَقَدَ الْمُكَلَّفُ أَنَّ الَّذِي شَاهَدَهُ مِنْ حَال الطَّيْرِ مُوجِبٌ لِمَا ظَنَّهُ، مُؤَثِّرٌ فِيهِ، فَقَدْ كَفَرَ. لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ التَّشْرِيكِ فِي تَدْبِيرِ الأُْمُورِ. أَمَّا إِذَا عَلِمَ أَنَّ اللَّهَ ﷾ هُوَ الْمُتَصَرِّفُ وَالْمُدَبِّرُ وَحْدَهُ، وَلَكِنَّهُ فِي نَفْسِهِ يَجِدُ شَيْئًا مِنَ الْخَوْفِ مِنَ الشَّرِّ؛ لأَِنَّ التَّجَارِبَ عِنْدَهُ قَضَتْ أَنَّ صَوْتًا مِنْ أَصْوَاتِ الطَّيْرِ، أَوْ حَالًا مِنْ حَالاَتِهِ يُرَادِفُهُ مَكْرُوهٌ، فَإِنْ وَطَّنَ نَفْسَهُ عَلَى ذَلِكَ فَقَدْ أَسَاءَ، وَإِنِ اسْتَعَاذَ بِاللَّهِ مِنَ الشَّرِّ، وَسَأَلَهُ الْخَيْرَ وَمَضَى مُتَوَكِّلًا عَلَى اللَّهِ، فَلاَ يَضُرُّهُ مَا وَجَدَ فِي نَفْسِهِ مِنْ
_________
(١) المصدر السابق.
(٢) حديث: " من ردته الطيرة من حاجة فقد. . . ". أخرجه أحمد، وصحح إسناده أحمد شاكر (مسند أحمد بن حنبل بتحقيق أحمد شاكر ١٢ / ١٠ ط المعارف) .