الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٢ -
وَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ هُوَ رَأْيُ بَعْضِ الْحَنَابِلَةِ. قَال الْمَجْدُ بْنُ تَيْمِيَّةَ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ: الْمِلْكُ فِي الْمَوْهُوبِ لاَ يَثْبُتُ بِدُونِ الْقَبْضِ، وَكَذَا صَرَّحَ ابْنُ عَقِيلٍ الْحَنْبَلِيُّ: أَنَّ الْقَبْضَ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الْهِبَةِ كَالإِْيجَابِ فِي غَيْرِهَا، وَكَلاَمُ الْخِرَقِيِّ يَدُل عَلَيْهِ.
وَالرَّأْيُ الآْخَرُ لِلْحَنَابِلَةِ: أَنَّ الْهِبَةَ تُمْلَكُ بِالْعَقْدِ، فَيَصِحُّ التَّصَرُّفُ مِنَ الْمَوْهُوبِ لَهُ فِيهَا قَبْل الْقَبْضِ، كَذَا فِي الْمُنْتَهَى وَشَرْحِهِ، وَهُوَ الَّذِي قَدَّمَهُ فِي الإِْنْصَافِ.
وَعَلَى رَأْيِ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، وَمَنْ رَأَى رَأْيَهُمْ مِنَ الْحَنَابِلَةِ: يَجُوزُ الرُّجُوعُ فِيهَا قَبْل الْقَبْضِ؛ لأَِنَّ عَقْدَ الْهِبَةِ لَمْ يَتِمَّ. وَلَكِنَّهُ عِنْدَ مَنْ يَرَى ذَلِكَ مِنَ الْحَنَابِلَةِ يَكُونُ مَعَ الْكَرَاهَةِ، خُرُوجًا مِنْ خِلاَفِ مَنْ قَال: إِنَّ الْهِبَةَ تَلْزَمُ بِالْعَقْدِ.
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: تُمْلَكُ الْهِبَةُ بِالْقَبُول عَلَى الْمَشْهُورِ، وَلِلْمُتَّهِبِ طَلَبُهَا مِنَ الْوَاهِبِ إِنَ امْتَنَعَ وَلَوْ عِنْدَ حَاكِمٍ، لِيُجْبِرَهُ عَلَى تَمْكِينِ الْوَهُوبِ لَهُ مِنْهَا. لَكِنْ قَال ابْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ: الْقَبُول وَالْحِيَازَةُ مُعْتَبَرَانِ فِي الْهِبَةِ، إِلاَّ أَنَّ الْقَبُول رُكْنٌ وَالْحِيَازَةَ شَرْطٌ. أَيْ فِي تَمَامِهَا، فَإِنْ عُدِمَ لَمْ تَلْزَمْ، وَإِنْ كَانَتْ صَحِيحَةً.
عَلَى أَنَّ الْهِبَةَ لَوْ تَمَّتْ بِالْقَبْضِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ الرُّجُوعُ فِيهَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ إِنْ كَانَتْ لأَِجْنَبِيٍّ، أَيْ غَيْرِ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ، لِقَوْل النَّبِيِّ ﷺ: الرَّجُل