الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٢ -
تَقْدِيمَ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ بِهِ، لِمَا فِيهِ مِنْ قَطْعِ حَظِّ النَّفْسِ فِي الْحَال بِخِلاَفِ الْوَقْفِ.
وَفِي الْمَنْثُورِ أَيْضًا: مَرَاتِبُ الْقُرْبِ تَتَفَاوَتُ، فَالْقُرْبَةُ فِي الْهِبَةِ أَتَمُّ مِنْهَا فِي الْقَرْضِ، وَفِي الْوَقْفِ أَتَمُّ مِنْهَا فِي الْهِبَةِ، لأَِنَّ نَفْعَهُ دَائِمٌ يَتَكَرَّرُ، وَالصَّدَقَةُ أَتَمُّ مِنَ الْكُل؛ لأَِنَّ قَطْعَ حَظِّهِ مِنَ الْمُتَصَدَّقِ بِهِ فِي الْحَال (١) .
وَقِيل: إِنَّ الْقَرْضَ أَفْضَل مِنَ الصَّدَقَةِ (٢) .
لأَِنَّ رَسُول اللَّهِ رَأَى لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ مَكْتُوبًا عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ: دِرْهَمُ الْقَرْضِ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ، وَدِرْهَمُ الصَّدَقَةِ بِعَشْرٍ، فَسَأَل جِبْرِيل: مَا بَال الْقَرْضِ أَفْضَل مِنَ الصَّدَقَةِ: فَقَال: لأَِنَّ السَّائِل يَسْأَل وَعِنْدَهُ، وَالْمُقْتَرِضُ لاَ يَقْتَرِضُ إِلاَّ مِنْ حَاجَةٍ. (٣)
وَتَكَسُّبُ مَا زَادَ عَلَى قَدْرِ الْكِفَايَةِ - لِمُوَاسَاةِ الْفَقِيرِ أَوْ مُجَازَاةِ الْقَرِيبِ - أَفْضَل مِنَ التَّخَلِّي لِنَفْل الْعِبَادَةِ؛ لأَِنَّ مَنْفَعَةَ النَّفْل تَخُصُّهُ، وَمَنْفَعَةُ الْكَسْبِ لَهُ وَلِغَيْرِهِ (٤)، فَقَدْ قَال ﵊: خَيْرُ النَّاسِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ (٥) وَعَنْ
_________
(١) المنثور ١ / ٣٤٥، ٣ / ٦٢.
(٢) منح الجليل ٣ / ٤٦، والمهذب ١ / ٣٠٩.
(٣) حديث: " رأيت ليلة أسري بي على باب الجنة. . . " أخرجه ابن ماجه (٢ / ٨١٢ - ط الحلبي) وقال البوصيري: في إسناده خالد بن يزيد ضعفه أحمد وابن معين وغيرهم.
(٤) الاختيار ٤ / ١٧٢.
(٥) حديث: " خير الناس أنفعهم للناس " أخرجه القضاعي في مسند الشهاب (٢ / ٢٢٣ - ط الرسالة) من حديث جابر بن عبد الله ﵄، وهو حسن لطرقه.