الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٢ -
أَفْضَل عِبَادَاتِ الْبَدَنِ الصَّلاَةُ. فَفَرْضُهَا أَفْضَل مِنْ فَرْضِ غَيْرِهَا، وَتَطَوُّعُهَا أَفْضَل مِنْ تَطَوُّعِ غَيْرِهَا؛ لأَِنَّهَا أَعْظَمُ الْقُرُبَاتِ، لِجَمْعِهَا أَنْوَاعًا مِنَ الْعِبَادَاتِ لاَ تُجْمَعُ فِي غَيْرِهَا. قَال بِهَذَا الْمَالِكِيَّةُ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَلَهُمْ قَوْلٌ آخَرُ بِتَفْضِيل الصِّيَامِ.
قَال صَاحِبُ الْمَجْمُوعِ: وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِمْ: الصَّلاَةُ أَفْضَل مِنَ الصَّوْمِ: أَنَّ صَلاَةَ رَكْعَتَيْنِ أَفْضَل مِنْ صِيَامِ أَيَّامٍ أَوْ يَوْمٍ، فَإِنَّ الصَّوْمَ أَفْضَل مِنْ رَكْعَتَيْنِ بِلاَ شَكٍّ، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ أَنَّ مَنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الْجَمْعُ بَيْنَ الاِسْتِكْثَارِ مِنَ الصَّلاَةِ وَالصَّوْمِ، وَأَرَادَ أَنْ يَسْتَكْثِرَ مِنْ أَحَدِهِمَا، أَوْ يَكُونُ غَالِبًا عَلَيْهِ، مَنْسُوبًا إِلَى الإِْكْثَارِ مِنْهُ، وَيَقْتَصِرُ مِنَ الآْخَرِ عَلَى الْمُتَأَكِّدِ مِنْهُ، فَهَذَا مَحَل الْخِلاَفِ وَالتَّفْصِيل. وَالصَّحِيحُ تَفْضِيل الصَّلاَةِ (١) .
وَيَقُول الْحَنَابِلَةُ: إِنَّ أَفْضَل تَطَوُّعَاتِ الْبَدَنِ الْجِهَادُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَضَّل اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً﴾ (٢) ثُمَّ النَّفَقَةُ فِيهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿مَثَل الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيل اللَّهِ كَمَثَل حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِل﴾ (٣) الآْيَةَ، ثُمَّ تَعَلُّمُ الْعِلْمِ
_________
(١) الشرح الصغير ١ / ١٤٥ ط الحلبي، والمهذب ١ / ٨٩، والمجموع شرح المهذب ٣ / ٤٥٦، ٤٥٧، ٤٥٩.
(٢) سورة النساء / ٩٥.
(٣) سورة البقرة / ٢٦١.