الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٢

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٢ - حرف التاء - تصوير - ترتيب هذا البحث - القسم الثاني حكم التصوير (صناعة الصور) - تعليل تحريم التصوير - الوجه الثاني

وَمِمَّا يُحَقِّقُ هَذَا مَا تُوحِي بِهِ رِوَايَةُ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُول فِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذَهَبَ يَخْلُقُ خَلْقًا كَخَلْقِي فَإِنَّ " ذَهَبَ " بِمَعْنَى قَصَدَ، بِذَلِكَ فَسَّرَهَا ابْنُ حَجَرٍ (١) . وَبِذَلِكَ يَكُونُ مَعْنَاهَا أَنَّهُ أَظْلَمُ النَّاسِ بِهَذَا الْقَصْدِ، وَهُوَ أَنْ يَقْصِدَ أَنْ يَخْلُقَ كَخَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى.

وَنَقَل الْجَصَّاصُ قَوْلًا أَنَّ الْمُرَادَ بِهَذِهِ الأَْحَادِيثِ " مَنْ شَبَّهَ اللَّهَ بِخَلْقِهِ ".

٢٦ - الْوَجْهُ الثَّانِي: كَوْنُ التَّصْوِيرِ وَسِيلَةً إِلَى الْغُلُوِّ فِي غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى بِتَعْظِيمِهِ حَتَّى يَئُول الأَْمْرُ إِلَى الضَّلاَل وَالاِفْتِنَانِ بِالصُّوَرِ، فَتُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ تَعَالَى. وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ بُعِثَ وَالنَّاسُ يَنْصِبُونَ تَمَاثِيل يَعْبُدُونَهَا، يَزْعُمُونَ أَنَّهَا تُقَرِّبُهُمْ إِلَى اللَّهِ زُلْفَى، فَجَاءَ الإِْسْلاَمُ مُحَطِّمًا لِلشِّرْكِ وَالْوَثَنِيَّةِ، مُعْلِنًا أَنَّ شِعَارَهُ الأَْكْبَرَ (لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ) وَمُسَفِّهًا لِعُقُول هَؤُلاَءِ. وَمِنَ الْمَنَاهِجِ الَّتِي سَلَكَتْهَا الشَّرِيعَةُ الْحَكِيمَةُ لِذَلِكَ - بِالإِْضَافَةِ إِلَى الْحُجَّةِ وَالْبَيَانِ وَالسَّيْفِ وَالسِّنَانِ - أَنْ جَاءَتْ إِلَى مَا مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَكُونَ وَسِيلَةً إِلَى الضَّلاَل وَلاَ مَنْفَعَةَ، أَوْ مَنْفَعَتُهُ أَقَل، فَمَنَعَتْ إِتْيَانَهُ، قَال ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَالَّذِي أَوْجَبَ النَّهْيَ عَنِ التَّصْوِيرِ فِي شَرْعِنَا - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - مَا كَانَتِ الْعَرَبُ عَلَيْهِ مِنْ عِبَادَةِ الأَْوْثَانِ وَالأَْصْنَامِ، فَكَانُوا يُصَوِّرُونَ

_________

(١) فتح الباري ١٠ / ٣٨٦.