الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٢ -
مِنْ أَحْلَى النَّاسِ صُورَةً، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ جَمِيلٍ، وَلاَ سِيَّمَا إِذَا رُزِقَ حَظًّا مِنْ صَلاَةِ اللَّيْل، فَإِنَّهَا تُنَوِّرُ الْوَجْهَ.
قَال: وَأَمَّا الْجَمَال الظَّاهِرُ فَزِينَةٌ خَصَّ اللَّهُ بِهَا بَعْضَ الصُّوَرِ عَنْ بَعْضٍ، وَهِيَ مِنْ زِيَادَةِ الْخَلْقِ الَّتِي قَال اللَّهُ فِيهَا: ﴿يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ﴾ (١) قَال الْمُفَسِّرُونَ: هُوَ الصَّوْتُ الْحَسَنُ وَالصُّورَةُ الْحَسَنَةُ. وَالْقُلُوبُ مَطْبُوعَةٌ عَلَى مَحَبَّتِهِ، كَمَا هِيَ مَفْطُورَةٌ عَلَى اسْتِحْسَانِهِ.
قَال: وَكُلٌّ مِنَ الْجَمَال الظَّاهِرِ وَالْجَمَال الْبَاطِنِ نِعْمَةٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى تُوجِبُ عَلَى الْعَبْدِ شُكْرًا بِالتَّقْوَى وَالصِّيَانَةِ، وَبِهِمَا يَزْدَادُ جَمَالًا عَلَى جَمَالِهِ. وَإِنِ اسْتَعْمَل جَمَالَهُ فِي مَعَاصِي اللَّهِ قَلَبَ اللَّهُ مَحَاسِنَهُ شَيْنًا وَقُبْحًا. وَكَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَدْعُو النَّاسَ إِلَى جَمَال الْبَاطِنِ بِجَمَال الظَّاهِرِ، قَال جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيُّ ﵁: قَال لِي رَسُول اللَّهِ ﷺ: أَنْتَ امْرُؤٌ حَسَّنَ اللَّهُ خَلْقَكَ، فَحَسِّنْ خُلُقَكَ (٢) . وَكَانَ النَّبِيُّ ﷺ أَجْمَل الْخَلْقِ وَأَحْسَنَهُمْ وَجْهًا. وَقَدْ سُئِل الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ: أَكَانَ وَجْهُ النَّبِيِّ ﷺ مِثْل السَّيْفِ؟ فَقَال: لاَ، بَل مِثْل الْقَمَرِ (٣) .
_________
(١) سورة فاطر / ١.
(٢) حديث: " أنت امرؤ حسن الله خلقك فحسن خلقك " أخرجه الخرائطي وابن عساكر في تأريخه، وضعفه العراقي كما في فيض القدير (٢ / ٥٥٢ - ط المكتبة التجارية) .
(٣) حديث: " سئل أكان وجه النبي ﷺ مثل السيف؟ فقال:. . . . " أخرجه البخاري (الفتح ٦ / ٥٦٥ - ط السلفية) .