الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١١ -
أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ عَلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيمَنْ يُحْتَجُّ بِرِوَايَتِهِ: أَنْ يَكُونَ عَدْلًا ضَابِطًا لِمَا يَرْوِيهِ، بِأَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا بَالِغًا عَاقِلًا، سَالِمًا مِنْ أَسْبَابِ الْفِسْقِ وَمَا يُخِل بِالْمُرُوءَةِ مُتَيَقِّظًا غَيْرَ مُغَفَّلٍ، حَافِظًا إِنْ حَدَّثَ مِنْ حِفْظِهِ، ضَابِطًا لِكِتَابِهِ إِنْ حَدَّثَ مِنْ كِتَابِهِ. وَإِنْ كَانَ يُحَدِّثُ بِالْمَعْنَى اشْتُرِطَ فِيهِ مَعَ ذَلِكَ: أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِمَا يُحِيل الْمَعَانِيَ.
وَعَدَالَةُ الرَّاوِي تَارَةً تَثْبُتُ بِتَنْصِيصِ مُعَدِّلَيْنِ عَلَى عَدَالَتِهِ، وَتَارَةً تَثْبُتُ بِالاِسْتِفَاضَةِ، فِيمَنِ اشْتُهِرَتْ عَدَالَتُهُ مِنْ أَهْل النَّقْل أَوْ نَحْوِهِمْ مِنْ أَهْل الْعِلْمِ، وَمَنْ شَاعَ الثَّنَاءُ عَلَيْهِ بِالثِّقَةِ وَالأَْمَانَةِ اسْتُغْنِيَ فِيهِ بِذَلِكَ عَنْ بَيِّنَةٍ شَاهِدَةٍ بِعَدَالَتِهِ تَنْصِيصًا، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، وَعَلَيْهِ الاِعْتِمَادُ فِي فَنِّ أُصُول الْفِقْهِ. وَذَلِكَ مِثْل الإِْمَامِ مَالِكٍ وَأَبِي بَكْرٍ الْخَطِيبِ الْحَافِظِ.
وَالتَّعْدِيل مَقْبُولٌ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ سَبَبِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ الصَّحِيحِ الْمَشْهُورِ؛ لأَِنَّ أَسْبَابَهُ كَثِيرَةٌ يَصْعُبُ حَصْرُهَا، بِخِلاَفِ الْجَرْحِ، فَإِنَّهُ لاَ يُقْبَل إِلاَّ مُفَسَّرًا مُبَيَّنَ السَّبَبِ؛ لأَِنَّ النَّاسَ يَخْتَلِفُونَ فِيمَا يُجَرَّحُ وَلاَ يُجَرَّحُ. (١)
وَهُنَاكَ تَفْصِيلاَتٌ وَأَحْكَامٌ أُخْرَى يُرْجَعُ إِلَيْهَا فِي الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ، وَفِي عِلْمِ مُصْطَلَحِ الْحَدِيثِ.
_________
(١) علوم الحديث لابن الصلاح ٩٤ - ٩٦.