الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١١

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١١ -

قَال: عَامَلْتُهُمَا بِالدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ الَّتِي تُقْطَعُ فِيهَا الرَّحِمُ؟ قَال: لاَ. قَال: كُنْتُ جَارًا لَهُمَا تَعْرِفُ صَبَاحَهُمَا وَمَسَاءَهُمَا؟ قَال: لاَ. قَال: يَا ابْنَ أَخِي لَسْت تَعْرِفُهُمَا. جِيئَا بِمَنْ يَعْرِفُكُمَا.

قَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَهَذَا بَحْثٌ يَدُل عَلَى أَنَّهُ لاَ يُكْتَفَى بِدُونِهِ. (١)

٤ - هَذَا، وَقَدْ قَال عُلَمَاءُ الْحَنَفِيَّةِ: إِنَّ الْخِلاَفَ بَيْنَ الإِْمَامِ وَصَاحِبَيْهِ لَيْسَ اخْتِلاَفًا حَقِيقِيًّا، بَل هُوَ اخْتِلاَفُ عَصْرٍ وَزَمَانٍ، فَإِنَّ النَّاسَ فِي عَهْدِهِ كَانُوا أَهْل خَيْرٍ وَصَلاَحٍ؛ لأَِنَّهُ زَمَنُ التَّابِعِينَ، وَقَدْ شَهِدَ لَهُمُ النَّبِيُّ ﷺ بِالْخَيْرِيَّةِ بِقَوْلِهِ: خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ يَجِيءُ مِنْ بَعْدِهِمْ قَوْمٌ تَسْبِقُ شَهَادَتُهُمْ أَيْمَانَهُمْ، وَأَيْمَانُهُمْ شَهَادَتَهُمْ (٢) فَكَانَ الْغَالِبُ فِي أَهْل زَمَانِهِ الصَّلاَحَ وَالسَّدَادَ، فَوَقَعَتِ الْغُنْيَةُ عَنِ السُّؤَال عَنْ حَالِهِمْ فِي السِّرِّ، ثُمَّ تَغَيَّرَ الزَّمَانُ وَظَهَرَ الْفَسَادُ فِي قَرْنِهِمَا، فَوَقَعَتِ الْحَاجَةُ إِلَى السُّؤَال عَنِ الْعَدَالَةِ. وَمِنَ الْعُلَمَاءِ مَنْ حَقَّقَ الاِخْتِلاَفَ. (٣)

_________

(١) البدائع ٦ / ٢٧٠، وابن عابدين ٤ / ٥٧، وتبصرة الحكام ١ / ٢٥٦، وقليوبي وعميرة ٤ / ٣٠٦، والمغني ٩ / ٦٣ - ٦٤.

(٢) حديث: " خير القرون قرني. . . " أخرجه البخاري (الفتح ١١ / ٢٤٤ - ط السلفية) من حديث ابن مسعود ﵁.

(٣) البدائع ٦ / ٢٧٠، والمغني ٩ / ٦٤، ومعين الحكام ص ١٠٣.