الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١١ - حرف التاء - تركة - أحكام التركة - وقت انتقال التركة - الحالة الثانية - الحجر على المريض مرض الموت صونا للتركة لحق الورثة
الْحَجْرُ عَلَى الْمَرِيضِ مَرَضَ الْمَوْتِ صَوْنًا لِلتَّرِكَةِ لِحَقِّ الْوَرَثَةِ:
١٨ - إِذَا شَعَرَ الْمَرِيضُ بِدُنُوِّ أَجَلِهِ رُبَّمَا تَنْطَلِقُ يَدُهُ فِي التَّبَرُّعَاتِ رَجَاءَ اسْتِدْرَاكِ مَا فَاتَهُ فِي حَال صِحَّتِهِ، وَقَدْ يُؤَدِّي ذَلِكَ إِلَى تَبْدِيدِ مَالِهِ وَحِرْمَانِ الْوَرَثَةِ، فَشُرِعَ الْحَجْرُ عَلَيْهِ.
وَقَدِ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْمَرِيضَ مَرَضَ الْمَوْتِ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ بِحُكْمِ الشَّرْعِ لِحَقِّ الْوَرَثَةِ، وَاَلَّذِي يُحْجَرُ فِيهِ عَلَى الْمَرِيضِ هُوَ تَبَرُّعَاتُهُ فَقَطْ فِيمَا زَادَ عَنْ ثُلُثِ تَرِكَتِهِ حَيْثُ لاَ دَيْنَ. (١)
وَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ هَذَا الْحَجْرَ عَلَى الْمَرِيضِ مَرَضَ الْمَوْتِ هُوَ فِي التَّبَرُّعِ، كَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْوَصِيَّةِ وَالْوَقْفِ وَبَيْعِ الْمُحَابَاةِ فِيمَا يَزِيدُ عَنْ ثُلُثِ مَالِهِ، أَيْ أَنَّ حُكْمَ تَبَرُّعَاتِهِ حُكْمُ وَصِيَّتِهِ: تَنْفُذُ مِنَ الثُّلُثِ، وَتَكُونُ مَوْقُوفَةً عَلَى إِجَازَةِ الْوَرَثَةِ فِيمَا زَادَ عَنِ الثُّلُثِ،
فَإِنْ بَرِئَ مِنْ مَرَضِهِ صَحَّ تَبَرُّعُهُ.
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: لاَ يَنْفُذُ مِنَ الثُّلُثِ تَبَرُّعُ الْمَرِيضِ، إِلاَّ إِذَا كَانَ الْمَال الْبَاقِي بَعْدَ التَّبَرُّعِ مَأْمُونًا، أَيْ لاَ يُخْشَى تَغَيُّرُهُ، وَهُوَ الْعَقَارُ كَدَارٍ وَأَرْضٍ وَشَجَرٍ، فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَأْمُونٍ فَلاَ يَنْفُذُ، وَإِنَّمَا يُوقَفُ وَلَوْ بِدُونِ الثُّلُثِ حَتَّى يَظْهَرَ حَالُهُ مِنْ
_________
(١) الزيلعي ٥ / ٢٣ وما بعدها، والدسوقي ٣ / ٣٠٦، ٣٠٧، ومغني المحتاج ٢ / ١٦٥، وكشاف القناع ٣ / ٤١٢، والمغني ٤ / ٦٥٠.