الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١١ -
قَال السَّرَخْسِيُّ: الدَّيْنُ إِذَا كَانَ مُحِيطًا بِالتَّرِكَةِ يَمْنَعُ مِلْكَ الْوَارِثِ فِي التَّرِكَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُحِيطًا فَكَذَلِكَ فِي قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ الأَْوَّل.
وَفِي قَوْلِهِ الآْخِرِ: لاَ يَمْنَعُ مِلْكَ الْوَارِثِ بِحَالٍ، لأَِنَّ الْوَارِثَ يَخْلُفُ الْمُوَرِّثَ فِي الْمَال، وَالْمَال كَانَ مَمْلُوكًا لِلْمَيِّتِ فِي حَال حَيَاتِهِ مَعَ اشْتِغَالِهِ بِالدَّيْنِ كَالْمَرْهُونِ، فَكَذَلِكَ يَكُونُ مِلْكًا لِلْوَارِثِ، قَال: وَحُجَّتُنَا فِي ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: ﴿مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ﴾ .
فَقَدْ جَعَل اللَّهُ تَعَالَى أَوَانَ الْمِيرَاثِ مَا بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ، وَالْحُكْمُ لاَ يَسْبِقُ أَوَانَهُ فَيَكُونُ حَال الدَّيْنِ كَحَال حَيَاةِ الْمُوَرِّثِ فِي الْمَعْنَى. ثُمَّ الْوَارِثُ يَخْلُفُهُ فِيمَا يَفْضُل مِنْ حَاجَتِهِ، فَأَمَّا الْمَشْغُول بِحَاجَتِهِ فَلاَ يَخْلُفُهُ وَارِثُهُ فِيهِ. وَإِذَا كَانَ الدَّيْنُ مُحِيطًا بِتَرِكَتِهِ فَالْمَال مَشْغُولٌ بِحَاجَتِهِ، وَقِيَامُ الأَْصْل يَمْنَعُ ظُهُورَ حُكْمِ الْخَلَفِ.
وَلاَ نَقُول: يَبْقَى مَمْلُوكًا بِغَيْرِ مَالِكٍ، وَلَكِنْ تَبْقَى مَالِكِيَّةُ الْمَدْيُونِ فِي مَالِهِ حُكْمًا لِبَقَاءِ حَاجَتِهِ.
وَخِلاَفَةُ الْوَارِثِ فِي التَّرِكَةِ نَاقِصَةٌ فِي حَال تَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِهَا مِنْ غَيْرِ اسْتِغْرَاقٍ، وَهِيَ صُورِيَّةٌ إِذَا كَانَتْ مُسْتَغْرَقَةً بِالدَّيْنِ، وَذَلِكَ لاَ يَعْنِي أَنَّهُ لاَ قِيمَةَ لِهَذِهِ الْخِلاَفَةِ، بَل لَهَا شَأْنُهَا، وَيُعْلَمُ ذَلِكَ مِنْ أَقْوَال الْفُقَهَاءِ.
قَال ابْنُ قَاضِي سَمَاوَةَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ: لِلْوَرَثَةِ