الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١١ -
وَقَال السَّرَخْسِيُّ: لاَ بَأْسَ بِالتَّرَحُّمِ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ؛ لأَِنَّ الأَْثَرَ وَرَدَ بِهِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ ﵃؛ وَلأَِنَّ أَحَدًا وَإِنْ جَل قَدْرُهُ لاَ يَسْتَغْنِي عَنْ رَحْمَةِ اللَّهِ (١) .
كَمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَال: لَنْ يُدْخِل أَحَدًا عَمَلُهُ الْجَنَّةَ، قَالُوا: وَلاَ أَنْتَ يَا رَسُول اللَّهِ؟ قَال: وَلاَ أَنَا إِلاَّ أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ بِرَحْمَتِهِ (٢) .
وَلأَِنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ مِنْ أَشْوَقِ الْعُبَّادِ إِلَى مَزِيدِ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَمَعْنَاهَا مَعْنَى الصَّلاَةِ، فَلَمْ يُوجَدْ مَا يَمْنَعُ ذَلِكَ.
وَلاَ يُنَافِي الدُّعَاءَ لَهُ بِالرَّحْمَةِ أَنَّهُ ﵊ عَيَّنَ الرَّحْمَةَ بِنَصٍّ: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ (٣) لأَِنَّ حُصُول ذَلِكَ لاَ يَمْنَعُ طَلَبَ الزِّيَادَةِ لَهُ؛ إِذْ فَضْل اللَّهِ لاَ يَتَنَاهَى، وَالْكَامِل يَقْبَل الْكَمَال (٤) .
وَفَصَّل بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، فَقَال بِالْحُرْمَةِ إِنْ
_________
(١) ابن عابدين ١ / ٣٤٥، والطحطاوي ١ / ٢٢٦، ونهاية المحتاج ١ / ٥٣١.
(٢) حديث: " لن يدخل أحدا عمله الجنة. . . " أخرجه البخاري (الفتح ١٠ / ١٢٧ - ط السلفية) ومسلم (٤ / ٢١٧٠ ط الحلبي) .
(٣) سورة الأنبياء / ١٠٧.
(٤) ابن عابدين ٥ / ٤٨٠، والبدائع ١ / ٢١٣، والطحطاوي ١ / ٢٢٦، والفتوحات الربانية ٣ / ٣٢٩ وما بعدها.