الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١١ -
لِغَيْرِ الأَْنْبِيَاءِ وَالْمَلاَئِكَةِ ﵈. أَمَّا هُوَ ﷺ فَمَرْحُومٌ قَطْعًا، فَيَكُونُ مِنْ بَابِ تَحْصِيل الْحَاصِل، وَقَدِ اسْتَغْنَيْنَا عَنْ هَذِهِ بِالصَّلاَةِ، فَلاَ حَاجَةَ إِلَيْهَا؛ وَلأَِنَّهُ يُجَل مَقَامُهُ عَنِ الدُّعَاءِ بِهَا.
قَال ابْنُ دِحْيَةَ: يَنْبَغِي لِمَنْ ذَكَرَهُ ﷺ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ، وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يَتَرَحَّمَ عَلَيْهِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لاَ تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُول بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا﴾ (١)
وَنُقِل مِثْلُهُ عَنِ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ، وَالصَّيْدَلاَنِيِّ، كَمَا حَكَاهُ عَنْهُ الرَّافِعِيُّ وَلَمْ يَتَعَقَّبْهُ.
وَصَرَّحَ أَبُو زُرْعَةَ ابْنُ الْحَافِظِ الْعِرَاقِيُّ فِي فَتَاوَاهُ، بِأَنَّ الْمَنْعَ أَرْجَحُ لِضَعْفِ الأَْحَادِيثِ الَّتِي اسْتَنَدَ إِلَيْهَا، فَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ: حُرْمَتُهُ مُطْلَقًا (٢) .
وَذَهَبَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ إِلَى الْجَوَازِ مُطْلَقًا: أَيْ وَلَوْ بِدُونِ انْضِمَامِ صَلاَةٍ أَوْ سَلاَمٍ.
وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْل الأَْعْرَابِيِّ فِيمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَهُوَ قَوْلُهُ: اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي، وَارْحَمْ مُحَمَّدًا، وَلاَ تَرْحَمْ مَعَنَا أَحَدًا لِتَقْرِيرِهِ ﷺ عَلَى قَوْلِهِ: اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي وَارْحَمْ مُحَمَّدًا، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ سِوَى قَوْلِهِ: وَلاَ تَرْحَمْ مَعَنَا أَحَدًا (٣) .
_________
(١) سورة النور / ٦٣.
(٢) ابن عابدين ٥ / ٤٨٠، والطحطاوي على الدر، ١ / ٢٦٦، والقليوبي ٣ / ١٧٥، ونهاية المحتاج ١ / ٢١، ٢٢، ٥٣١.
(٣) حديث: " تقرير النبي ﷺ الأعرابي. . . " أخرجه البخاري (الفتح ١٠ / ٤٣٨ - ط السلفية) .