الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١١

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١١ -

وَذَهَبَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ إِلَى أَنَّ الْمُصَلِّيَ إِنْ كَانَ يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ لاَ يَجُوزُ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ بِغَيْرِهَا، وَإِنْ كَانَ لاَ يُحْسِنُ يَجُوزُ. وَقَدْ ثَبَتَ رُجُوعُ أَبِي حَنِيفَةَ إِلَى قَوْلِهِمَا لِقُوَّةِ دَلِيلِهِمَا وَهُوَ: أَنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ، وَهُوَ اسْمٌ لِلْمُنَزَّل بِاللَّفْظِ الْعَرَبِيِّ الْمَنْظُومِ هَذَا النَّظْمِ الْخَاصِّ الْمَكْتُوبِ فِي الْمَصَاحِفِ، الْمَنْقُول إِلَيْنَا نَقْلًا مُتَوَاتِرًا. وَالأَْعْجَمِيَّةُ إِنَّمَا تُسَمَّى قُرْآنًا مَجَازًا، وَلِذَا يَصِحُّ نَفْيُ اسْمِ الْقُرْآنِ عَلَى الْمُتَرْجَمِ إِلَيْهَا (١) .

وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي الْمَشْهُورِ مِنْ قَوْلِهِ إِلَى جَوَازِ الْقِرَاءَةِ بِالْفَارِسِيَّةِ - فِيمَا يُمْكِنُ تَرْجَمَتُهُ حَرْفِيًّا - كَمَا يَجُوزُ بِالْعَرَبِيَّةِ، سَوَاءٌ أَكَانَ يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ أَمْ لاَ يُحْسِنُ، فَتَجِبُ لأَِنَّهَا اعْتُبِرَتْ خَلَفًا عَنِ النَّظْمِ الْعَرَبِيِّ، وَلَيْسَ لِكَوْنِهَا قُرْآنًا، فَهِيَ حِينَئِذٍ رُخْصَةٌ عِنْدَهُ. غَيْرَ أَنَّهُ إِنْ كَانَ يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ يَصِيرُ مُسِيئًا لِمُخَالَفَتِهِ السُّنَّةَ الْمُتَوَارَثَةَ (٢) . وَقَدْ رَجَعَ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى رَأْيِ صَاحِبَيْهِ كَمَا سَبَقَ.

ثُمَّ الْجَوَازُ عَلَى قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ - الْمَرْجُوعِ عَنْهُ - مَقْصُورٌ عَلَى قِرَاءَةِ مَنْ لاَ يَكُونُ مُتَّهَمًا بِالْعَبَثِ بِالْقُرْآنِ، وَأَنْ لاَ يَكُونَ مُعْتَادًا لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ

_________

(١) ابن عابدين ١ / ٣٢٥، وبدائع الصنائع ١ / ١١٢.

(٢) الهداية ١ / ٤٧ ط مصطفى البابي الحلبي، وبدائع الصنائع ١ / ١١٢ ط دار الكتاب العربي، وابن عابدين ١ / ٣٢٥، ٣٢٦، ٣٢٧.