الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١١

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١١ -

الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى﴾ (١) مِمَّا يُعَيِّنُ الْقِصَاصَ. فَهُوَ إِخْبَارٌ عَنْ كَوْنِ الْقِصَاصِ هُوَ الْوَاجِبَ، وَهَذَا يُبْطِل الْقَوْل بِأَنَّ الدِّيَةَ وَاجِبَةٌ كَذَلِكَ. وَلَمَّا كَانَ الْقَتْل لاَ يُقَابَل بِالْجَمْعِ بَيْنَ الْقِصَاصِ وَالدِّيَةِ، كَانَ الْقِصَاصُ هُوَ عَيْنَ حَقِّ الْوَلِيِّ، وَالدِّيَةُ بَدَل حَقِّهِ، وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْحَقِّ أَنْ يَعْدِل مِنْ عَيْنِ الْحَقِّ إِلَى بَدَلِهِ مِنْ غَيْرِ رِضَا مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ، وَلِهَذَا لاَ يَجُوزُ اخْتِيَارُ الدِّيَةِ مِنْ غَيْرِ رِضَا الْقَاتِل.

وَأَمَّا دَلِيل الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ فَهُوَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَدِلَّةِ جَوَازِ الْعَفْوِ إِلَى الدِّيَةِ؛ وقَوْله تَعَالَى: ﴿فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ﴾ (٢) فَأَوْجَبَ سُبْحَانَهُ عَلَى الْقَاتِل أَدَاءَ الدِّيَةِ إِلَى الْوَلِيِّ مُطْلَقًا عَنْ شَرْطِ الرِّضَا، دَفْعًا لِلْهَلاَكِ عَنْ نَفْسِهِ.

وَلَمَّا كَانَ الْمَقْصُودُ مِنْ تَشْرِيعِ الْقِصَاصِ وَالدِّيَةِ هُوَ الزَّجْرَ، فَكَانَ يَنْبَغِي الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا، كَمَا فِي شُرْبِ خَمْرِ الذِّمِّيِّ، إِلاَّ أَنَّهُ تَعَذَّرَ الْجَمْعُ؛ لأَِنَّ الدِّيَةَ بَدَل النَّفْسِ، وَفِي الْقِصَاصِ مَعْنَى الْبَدَلِيَّةِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: ﴿أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ﴾ (٣) وَالْبَاءُ تُفِيدُ الْبَدَلِيَّةَ، فَيُؤَدِّي إِلَى الْجَمْعِ بَيْنَ الْبَدَلَيْنِ، وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ، فَخُيِّرَ وَلِيُّ الدَّمِ بَيْنَهُمَا.

_________

(١) سورة البقرة / ١٧٨

(٢) سورة البقرة / ١٧٨

(٣» سورة المائدة / ٤٥