الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١١ -
وَلأَِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِغَسْل الْوَجْهِ، وَهُوَ مَا تَحْصُل بِهِ الْمُوَاجَهَةُ، وَفِي اللِّحْيَةِ الْكَثِيفَةِ تَحْصُل الْمُوَاجَهَةُ بِالشَّعْرِ الظَّاهِرِ.
أَمَّا بَاطِنُهَا فَلاَ يَجِبُ غَسْلُهُ اتِّفَاقًا بَيْنَ فُقَهَاءِ الْمَذَاهِبِ؛ لِمَا رَوَى الْبُخَارِيُّ أَنَّهُ ﷺ تَوَضَّأَ فَغَسَل وَجْهَهُ، أَخَذَ غَرْفَةً مِنْ مَاءٍ فَمَضْمَضَ بِهَا وَاسْتَنْشَقَ، ثُمَّ أَخَذَ غَرْفَةً مِنْ مَاءٍ فَجَعَل بِهَا هَكَذَا: أَضَافَهَا إِلَى يَدِهِ الأُْخْرَى، فَغَسَل بِهَا وَجْهَهُ (١) وَكَانَتْ لِحْيَتُهُ الْكَرِيمَةُ كَثِيفَةً، وَبِالْغَرْفَةِ الْوَاحِدَةِ لاَ يَصِل الْمَاءُ إِلَى بَاطِنِهَا غَالِبًا، وَيَعْسُرُ إِيصَال الْمَاءِ إِلَيْهِ.
٧ - وَيُسَنُّ تَخْلِيل اللِّحْيَةِ الْكَثِيفَةِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ ﵁ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ إِذَا تَوَضَّأَ أَخَذَ كَفًّا مِنْ مَاءٍ تَحْتَ حَنَكِهِ فَخَلَّل بِهِ لِحْيَتَهُ، وَقَال: هَكَذَا أَمَرَنِي رَبِّي (٢) .
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ فِي تَخْلِيل شَعْرِ اللِّحْيَةِ الْكَثِيفَةِ ثَلاَثَةُ أَقْوَالٍ: الْوُجُوبُ، وَالْكَرَاهَةُ
_________
(١) حديث " أن النبي ﷺ توضأ فغسل وجهه " أخرجه البخاري (فتح الباري ١ / ٢٤٠ ط السلفية)
(٢) ابن عابدين ١ / ٧٩، ٨٠، والمغني ١ / ١٠٥، وكشاف القناع ١ / ١٠٦. وحديث: " كان إذا توضأ أخذ كفا من ماء تحت حنكه. . . " أخرجه أبو داود (١ / ١٠١ - تحقيق عزت عبيد دعاس) من حديث أنس، وهو صحيح لطرقه. التلخيص لابن حجر (١ / ٨٦ ط شركة الطباعة الفنية)