الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١١
أولا إذا كان بدل التخارج من نفس التركة
ثانيا إذا كان بدل التخارج من غير التركة
كون بعض التركة دينا قبل التخارج
ظهور دين على التركة بعد التخارج
كيفية تقسيم التركة بعد التخارج
تخارج الموصى له بشيء من التركة
ثالثا التختم بغير الذهب والفضة
ثاني عشر العبث بالخاتم في الصلاة
خامس عشر دفن الخاتم مع الشهيد وغيره
الاتكاء على المخصرة ونحوها في خطبة الجمعة
تخليل الأصابع في الوضوء والغسل
أولا تخيير المصلي في أداء الصلاة في الوقت الموسع
ثانيا التخيير في نوع ما يجب إخراجه في الزكاة
ثالثا التخيير في فدية الجناية على الإحرام في الحج
رابعا من أسلم على أكثر من أربع نسوة
سابعا تخيير الإمام في حد المحارب
ثامنا تخيير ملتقط اللقطة بعد التعريف بها
عاشرا التخيير بين القصاص والدية والعفو
ثانيا التداخل في الصلاة وله أمثلة
ثالثا تداخل صوم رمضان وصوم الاعتكاف
رابعا تداخل الطواف والسعي للقارن
ثامنا تداخل الجنايات على النفس والأطراف
الثاني عشر تداخل العددين في حساب المواريث
تدارك الناسي للتكبير في صلاة العيد
تدارك المسبوق تكبيرات صلاة العيد
تدارك المجنون والمغمى عليه للعبادات
تدارك المريض العاجز عن الإيماء
حكم تراخي القبول عن الإيجاب في عقد النكاح
التراخي في خيار العيوب والشروط في النكاح
التراخي في تطليق المرأة نفسها بعد تفويض الطلاق إليها
ويختل التراضي بأسباب نذكر منها ما يلي
ثانيا - التربع عند تلاوة القرآن
مس المحدث الترجمة وحملها وقراءتها
ترجمة التكبير والتشهد وخطبة الجمعة وأذكار الصلاة
الإتيان بالشهادتين بغير العربية لمن أراد الإسلام
انعقاد النكاح ووقوع الطلاق، بغير العربية
الترحم على النبي ﷺ وعلى آله في الصلاة
الترحم على النبي ﷺ خارج الصلاة
الترحم على الصحابة ﵃ والتابعين ومن بعدهم من الأخيار
ضمان المال إذا أخطأ الولي في الترشيد
حقوق مالية أخرى تتعلق بمشيئة المورث وإرادته
حقوق مالية تتعلق بمال المورث، لا بشخصه ولا بإرادته ومشيئته
أثر الخلاف السابق في انتقال التركة
الحجر على المريض مرض الموت صونا للتركة لحق الورثة
ثالثا تزاحم الغرماء في مال المفلس
الفرق بين شهود الدعوى وشهود التزكية
التزوير في النقود والموازين والمكاييل
صور التزوير في المستندات وطرق التحرز منها
التسبيح في افتتاح صلاة العيدين وبين تكبيرات الزوائد فيها
ملك السيد لأمته يبيح له وطأها دون عقد
تعدي أرباب الطعام عن القيمة تعديا فاحشا
تواطؤ البائعين ضد المشترين أو العكس
الصفة الواجب توافرها في التسعير
أمر الحاكم بخفض السعر ورفعه مجاراة لأغلب التجار
التسليم بمعنى التمكين من القبض
ثانيا التسمية بمعنى وضع الاسم العلم للمولود وغيره
ما تستحب التسمية به من الأسماء
نداء الزوج والأب ونحوهما بالاسم المجرد
تسمية الأدوات والدواب والملابس
ثالثا التسمية بمعنى تحديد العوض في العقود
رابعا التسمية بمعنى التعين بالاسم مقابل الإبهام
التسوية في إعطاء الزكاة بين الأصناف الثمانية
التسوية بين المتخاصمين في التقاضي
التسوية في الشفعة بين المستحقين
التسوية بين الناس في المرافق العامة
إبراهيم السرائي (؟ - كان حيا ٧٧١ هـ)
ابن قيم الجوزية (٦٩١ - ٧٥١ هـ)
ابن كنانة (؟ - ٢٨٦، وقيل ٢٨٥ هـ)
أبو حاتم القزويني (؟ - ٤١٤ هـ)
أبو محذورة (؟ - ٥٨ هـ، وقيل ٦٠ هـ)
أبو نضرة (؟ - ١٠٨ وقيل ١٠٩ هـ)
زيد بن خالد الجهني (؟ - ٧٨ هـ)
عبد الله بن بريدة (١٤ - ١١٥ هـ)
عضد الدين الإيجي (٧٠٨ - ٧٥٦ هـ)
تَخَارُجٌ
التَّعْرِيفُ:
١ - التَّخَارُجُ فِي اللُّغَةِ: مَصْدَرُ تَخَارَجَ، يُقَال: تَخَارَجَ الْقَوْمُ: إِذَا أَخْرَجَ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمْ نَفَقَةً عَلَى قَدْرِ نَفَقَةِ صَاحِبِهِ. وَتَخَارَجَ الشُّرَكَاءُ: خَرَجَ كُل وَاحِدٍ مِنْ شَرِكَتِهِ عَنْ مِلْكِهِ إِلَى صَاحِبِهِ بِالْبَيْعِ
وَفِي الاِصْطِلاَحِ هُوَ: أَنْ يَصْطَلِحَ الْوَرَثَةُ عَلَى إِخْرَاجِ بَعْضِهِمْ بِشَيْءٍ مَعْلُومٍ (١) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الصُّلْحُ:
٢ - الصُّلْحُ لُغَةً: اسْمٌ لِلْمُصَالَحَةِ الَّتِي هِيَ الْمُسَالَمَةُ خِلاَفَ الْمُخَاصَمَةِ وَاصْطِلاَحًا: عَقْدٌ وُضِعَ لِرَفْعِ الْمُنَازَعَةِ. (٢) وَهُوَ أَعَمُّ مِنَ التَّخَارُجِ؛ لأَِنَّهُ يَشْمَل الْمُصَالَحَةَ فِي الْمِيرَاثِ وَغَيْرِهِ.
_________
(١) لسان العرب والمعجم الوسيط، وفتح القدير ٧ / ٤٠٨، والبناية شرح الهداية ٧ / ٦٤٧
(٢) لسان العرب، وفتح القدير ٧ / ٣٧٥، وابن عابدين ٤ / ٤٧٢.
ب - الْقِسْمَةُ (أَوِ التَّقَاسُمُ):
٣ - الْقِسْمَةُ لُغَةً، اسْمٌ لِلاِقْتِسَامِ أَوِ التَّقْسِيمِ، وَتَقَاسَمُوا الشَّيْءَ: قَسَمُوهُ بَيْنَهُمْ، وَهُوَ أَنْ يَأْخُذَ كُل وَاحِدٍ نَصِيبَهُ
وَشَرْعًا: جَمْعُ نَصِيبٍ شَائِعٍ فِي مَكَانٍ مُعَيَّنٍ (١) .
وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ فِي الْقِسْمَةِ يَأْخُذُ جُزْءًا مِنَ الْمَال الْمُشْتَرَكِ، أَمَّا فِي التَّخَارُجِ فَإِنَّ الْوَارِثَ الَّذِي يَخْرُجُ يَأْخُذُ شَيْئًا مَعْلُومًا، سَوَاءٌ أَكَانَ مِنَ التَّرِكَةِ أَمْ مِنْ غَيْرِهَا.
الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:
٤ - التَّخَارُجُ جَائِزٌ عِنْدَ التَّرَاضِي، وَالأَْصْل فِي جَوَازِهِ مَا رُوِيَ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ ﵁ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ تُمَاضِرَ بِنْتَ الأَْصْبَغِ الْكَلْبِيَّةَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ، ثُمَّ مَاتَ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ، فَوَرَّثَهَا عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مَعَ ثَلاَثِ نِسْوَةٍ أُخَرَ، فَصَالَحُوهَا عَنْ رُبْعِ ثُمُنِهَا عَلَى ثَلاَثَةٍ وَثَمَانِينَ أَلْفًا. قِيل مِنَ الدَّنَانِيرِ، وَقِيل مِنَ الدَّرَاهِمِ (٢) .
حَقِيقَةُ التَّخَارُجِ:
٥ - الأَْصْل فِي التَّخَارُجِ أَنَّهُ عَقْدُ صُلْحٍ بَيْنَ الْوَرَثَةِ
_________
(١) لسان العرب والقاموس المحيط، وابن عابدين ٥ / ١٦٠، وفتح القدير ٨ / ٣٤٨، ٣٤٩.
(٢) فتح القدير ٧ / ٤٠٩، والسراجية ص ٢٣٦، ٢٣٧.
لإِخْرَاجِ أَحَدِهِمْ، وَلَكِنَّهُ يُعْتَبَرُ عَقْدَ بَيْعٍ إِنْ كَانَ الْبَدَل الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ شَيْئًا مِنْ غَيْرِ التَّرِكَةِ. وَيُعْتَبَرُ عَقْدَ قِسْمَةٍ وَمُبَادَلَةٍ، إِنْ كَانَ الْبَدَل الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ مِنْ مَال التَّرِكَةِ، وَقَدْ يَكُونُ هِبَةً أَوْ إِسْقَاطًا لِلْبَعْضِ، إِنْ كَانَ الْبَدَل الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ أَقَل مِنَ النَّصِيبِ الْمُسْتَحَقِّ. (١) وَهَذَا فِي الْجُمْلَةِ.
وَيُشْتَرَطُ فِي كُل حَالَةٍ شُرُوطُهَا الْخَاصَّةُ.
مَنْ يَمْلِكُ التَّخَارُجَ:
٦ - التَّخَارُجُ عَقْدُ صُلْحٍ، وَهُوَ فِي أَغْلَبِ أَحْوَالِهِ يُعْتَبَرُ مِنْ عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ، وَلِذَلِكَ يُشْتَرَطُ فِيمَنْ يَمْلِكُ التَّخَارُجَ أَهْلِيَّةَ التَّعَاقُدِ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ عَاقِلًا غَيْرَ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ، فَلاَ يَصِحُّ التَّخَارُجُ مِنَ الصَّبِيِّ الَّذِي لاَ يُمَيِّزُ، وَلاَ مِنَ الْمَجْنُونِ وَأَشْبَاهِهِ.
وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ ذَا إِرَادَةٍ؛ لأَِنَّ التَّخَارُجَ مَبْنَاهُ عَلَى الرِّضَا. (ر: إِكْرَاهٌ) .
وَيُشْتَرَطُ فِيمَنْ يَمْلِكُ التَّخَارُجَ كَذَلِكَ أَنْ يَكُونَ مَالِكًا لِمَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ. وَفِي تَصَرُّفِ الْفُضُولِيِّ خِلاَفٌ بَيْنَ مَنْ يُجِيزُهُ مَوْقُوفًا عَلَى إِجَازَةِ
_________
(١) فتح القدير ٧ / ٤٠٩، وابن عابدين ٤ / ٤٨١، ٤٨٢ وما بعدها، والدسوقي ٣ / ٣٠٩، ٣١٥ و٤ / ٤٧٨، والمواق بهامش الحطاب ٥ / ٨٥
الْمَالِكِ، وَهُمُ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ، وَبَيْنَ مَنْ لاَ يُجِيزُهُ، وَهُمُ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ. وَفِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ مَوْضِعُهُ مُصْطَلَحُ (فُضُولِيٌّ) .
وَقَدْ يَكُونُ مِلْكُ التَّصَرُّفِ بِالْوَكَالَةِ، وَحِينَئِذٍ يَجِبُ أَنْ يَقْتَصِرَ التَّصَرُّفُ عَلَى الْمَأْذُونِ بِهِ لِلْوَكِيل. (ر: وَكَالَةٌ) .
وَقَدْ يَكُونُ مِلْكُ التَّصَرُّفِ كَذَلِكَ بِالْوِلاَيَةِ الشَّرْعِيَّةِ كَالْوَلِيِّ وَالْوَصِيِّ، وَحِينَئِذٍ يَجِبُ أَنْ يَقْتَصِرَ تَصَرُّفُهُمَا عَلَى مَا فِيهِ الْحَظُّ لِلْمُوَلَّى عَلَيْهِ.
فَقَدْ نَقَل ابْنُ فَرْحُونَ عَنْ مُفِيدِ الْحُكَّامِ فِي الأَْبِ يُصَالِحُ عَنِ ابْنَتِهِ الْبِكْرِ بِبَعْضِ حَقِّهَا مِنْ مِيرَاثٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَحَقُّهَا بَيِّنٌ لاَ خِصَامَ فِيهِ، أَنَّ صُلْحَهُ غَيْرُ جَائِزٍ، إِذْ لاَ نَظَرَ فِيهِ، أَيْ لاَ مَصْلَحَةَ، وَتَرْجِعُ الاِبْنَةُ بِبَقِيَّتِهِ عَلَى مَنْ هُوَ عَلَيْهِ. (١) وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي: (وِصَايَةٍ، وِلاَيَةٍ) .
شُرُوطُ صِحَّةِ التَّخَارُجِ:
لِلتَّخَارُجِ شُرُوطٌ عَامَّةٌ بِاعْتِبَارِهِ عَقْدَ صُلْحٍ،
_________
(١) البدائع ٦ / ٢٣، ٢٨، ٤٠، ٤١، ٤٢، ٥٢، والتكملة لابن عابدين ٢ / ١٥٣، ١٦٩، ١٧٠، والتبصرة لابن فرحون بهامش فتح العلي ٢ / ٣٨، والحطاب ٥ / ٨١، والشرح الصغير ٢ / ١٤٢ ط الحلبي، ومغني المحتاج ٢ / ١٨١، ٣ / ٢٠٠، والمغني ٤ / ٥٣٠، ٥٣١، وشرح منتهى الإرادات ٢ / ٢٦٠، ٣٠٢، ٣٠٣ و٣ / ٦٢٣
وَشُرُوطٌ خَاصَّةٌ بِصُوَرِ التَّخَارُجِ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلاَفِ الصُّوَرِ، وَسَتُذْكَرُ عِنْدَ بَيَانِهَا.
أَمَّا الشُّرُوطُ الْعَامَّةُ فَهِيَ:
٧ - أ - يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ التَّخَارُجِ أَنْ تَكُونَ التَّرِكَةُ - مَحَل التَّخَارُجِ - مَعْلُومَةً، إِذِ التَّخَارُجُ فِي الْغَالِبِ بَيْعٌ فِي صُورَةِ صُلْحٍ، وَبَيْعُ الْمَجْهُول لاَ يَجُوزُ، وَكَذَا الصُّلْحُ عَنْهُ، وَذَلِكَ إِذَا أَمْكَنَ الْوُصُول إِلَى مَعْرِفَةِ التَّرِكَةِ، فَإِذَا تَعَذَّرَ الْوُصُول إِلَى مَعْرِفَتِهَا جَازَ الصُّلْحُ عَنِ الْمَجْهُول، كَمَا إِذَا صَالَحَتِ الزَّوْجَةُ عَنْ صَدَاقِهَا، وَلاَ عِلْمَ لَهَا وَلاَ لِلْوَرَثَةِ بِمَبْلَغِهِ، وَهَذَا عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالإِْمَامِ أَحْمَدَ، وَبَعْضِ الْحَنَابِلَةِ الَّذِينَ لاَ يُجِيزُونَ الصُّلْحَ عَنِ الْمَجْهُول. وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ جَوَازُ الصُّلْحِ عَنِ الْمَجْهُول مُطْلَقًا، سَوَاءٌ تَعَذَّرَ عِلْمُهُ أَوْ لَمْ يَتَعَذَّرْ. وَدَلِيل الصُّلْحِ عَنِ الْمَجْهُول عِنْدَ تَعَذُّرِ الْعِلْمِ بِهِ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَال لِرَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا فِي مَوَارِيثَ دَرَسَتِ: اقْتَسِمَا وَتَوَخَّيَا الْحَقَّ ثُمَّ اسْتَهِمَا ثُمَّ تَحَالاَّ. (١)
أَمَّا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ فَلاَ يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ أَعْيَانُ
_________
(١) حديث: " اقتسما وتوخيا الحق. . . ". أخرجه أحمد وأبو داود من حديث أم سلمة ﵂ مرفوعا. والحديث سكت عنه أبو داود والمنذري. وقال شعيب الأرناؤوط: إسناده حسن. (مسند أحمد بن حنبل ٦ / ٣٢٠ ط الميمنية، وعون المعبود ٣ / ٣٢٩ ط الهند، وشرح السنة للبغوي بتحقيق شعيب الأرناؤوط ١٠ / ١١٣ نشر المكتب الإسلامي) .
التَّرِكَةِ مَعْلُومَةً فِيمَا لاَ يَحْتَاجُ إِلَى قَبْضٍ؛ لأَِنَّهُ لاَ حَاجَةَ فِيهِ إِلَى التَّسْلِيمِ، وَبَيْعُ مَا لَمْ يُعْلَمْ قَدْرُهُ جَائِزٌ، كَمَنْ أَقَرَّ بِغَصْبِ شَيْءٍ، فَبَاعَهُ الْمُقَرُّ لَهُ مِنَ الْمُقِرِّ جَازَ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفَا قَدْرَهُ؛ وَلأَِنَّ الْجَهَالَةَ هُنَا لاَ تُفْضِي إِلَى الْمُنَازَعَةِ، وَدَلِيل جَوَازِ ذَلِكَ أَثَرُ عُثْمَانَ فِي تَخَارُجِ تُمَاضِرَ امْرَأَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ (١) .
٨ - ب - أَنْ يَكُونَ الْبَدَل مَالًا مُتَقَوِّمًا مَعْلُومًا مُنْتَفَعًا بِهِ مَقْدُورًا عَلَى تَسْلِيمِهِ، فَلاَ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْبَدَل مَجْهُولًا جِنْسًا أَوْ قَدْرًا أَوْ صِفَةً، وَلاَ أَنْ يَكُونَ مِمَّا لاَ يَصْلُحُ عِوَضًا فِي الْبَيْعِ. وَهَذَا فِي الْجُمْلَةِ، إِذْ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ: إِذَا كَانَ الْعِوَضُ لاَ يَحْتَاجُ إِلَى تَسْلِيمٍ، وَكَانَ لاَ سَبِيل إِلَى مَعْرِفَتِهِ كَالْمُخْتَصِمِينَ فِي مَوَارِيثَ دَارِسَةٍ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ مَعَ الْجَهَالَةِ. (٢)
٩ - ج - التَّقَابُضُ فِي الْمَجْلِسِ فِيمَا يُعْتَبَرُ صَرْفًا، كَالتَّخَارُجِ عَنْ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ بِالآْخَرِ، وَكَذَا فِيمَا إِذَا اتَّفَقَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ وَالْمُصَالَحُ عَلَيْهِ فِي عِلَّةِ الرِّبَا. وَهَذَا بِاتِّفَاقٍ فِي الأَْصْل، مَعَ الاِخْتِلاَفِ
_________
(١) ابن عابدين ٤ / ٤٨١، ٤٨٢، والزيلعي ٥ / ٥٠، وفتح القدير ٧ / ٤٠٩ وما بعدها نشر دار المعرفة، والحطاب ٥ / ٨٠، ٨١، والشرح الصغير ٢ / ١٤٧، والوجيز للغزالي ١ / ١٧٨، ونهاية المحتاج ٤ / ٣٧٦، والمغني ٤ / ٥٤٢، ٥٤٣، وشرح منتهى الإرادات ٢ / ٢٦٣.
(٢) تكملة ابن عابدين ٢ / ١٥٤ وما بعدها، والبدائع ٦ / ٤٢، والتبصرة ٢ / ٣٧، والشرح الصغير ٢ / ١٤٨، ١٤٩، ومنح الجليل ٣ / ٢٠١، ومغني المحتاج ٢ / ١٧٧، والمغني ٤ / ٥٤٤، وشرح منتهى الإرادات ٢ / ٢٦٢.
فِي التَّفَاصِيل الَّتِي سَتَرِدُ عِنْدَ ذِكْرِ صُوَرِ التَّخَارُجِ. (١)
١٠ - د - تَوَافُرُ شُرُوطِ بَيْعِ الدَّيْنِ إِذَا كَانَ لِلتَّرِكَةِ دَيْنٌ عَلَى الْغَيْرِ، وَهَذَا عِنْدَ مَنْ يُجِيزُ بَيْعَ الدَّيْنِ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ كَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، أَوْ يُرَاعَى اسْتِعْمَال الْحِيلَةِ لِجَوَازِ التَّخَارُجِ كَالإِْبْرَاءِ أَوِ الْحَوَالَةِ بِهِ كَمَا يَقُول الْحَنَفِيَّةُ، (٢) وَسَيَأْتِي تَفْصِيل ذَلِكَ عِنْدَ ذِكْرِ الصُّوَرِ.
صُوَرُ التَّخَارُجِ:
لَمْ تَرِدْ صُوَرٌ مُفَصَّلَةٌ لِلتَّخَارُجِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَإِنَّمَا وَرَدَ ذَلِكَ مُفَصَّلًا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ مَعَ الاِخْتِلاَفِ فِي الاِتِّجَاهَاتِ، وَلاَ تَظْهَرُ هَذِهِ الاِتِّجَاهَاتُ إِلاَّ بِذِكْرِ كُل مَذْهَبٍ عَلَى حِدَةٍ.
صُوَرُ التَّخَارُجِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ:
١١ - إِذَا تَخَارَجَ الْوَرَثَةُ مَعَ أَحَدِهِمْ عَنْ نَصِيبِهِ فِي التَّرِكَةِ عَلَى شَيْءٍ مِنَ الْمَال يَدْفَعُونَهُ لَهُ، فَلِذَلِكَ صُوَرٌ تَخْتَلِفُ بِحَسَبِ نَوْعِ الْبَدَل الَّذِي يَدْفَعُونَهُ، وَبِحَسَبِ نَوْعِيَّةِ التَّرِكَةِ، وَذَلِكَ كَمَا يَلِي:
_________
(١) ابن عابدين ٤ / ٤٨١، والزيلعي ٥ / ٥١، والدسوقي ٣ / ٣١٥، ومغني المحتاج ٢ / ١٧٨، والمغني ٤ / ٥٣٤، ومنتهى الإرادات ٢ / ٢٦٢.
(٢) ابن عابدين ٤ / ٤٨٢، والدسوقي ٣ / ٣١٦، ومغني المحتاج ٢ / ٤٠٠، والمغني ٥ / ٦٥٩، ومنتهى الإرادات ٢ / ٢٦٢.
أ - إِذَا كَانَتِ التَّرِكَةُ عَقَارًا أَوْ عَرَضًا، فَأَخْرَجَ الْوَرَثَةُ أَحَدَهُمْ مِنْهَا بِمَالٍ أَعْطَوْهُ إِيَّاهُ، جَازَ التَّخَارُجُ سَوَاءٌ أَكَانَ مَا أَعْطَوْهُ أَقَل مِنْ حِصَّتِهِ أَمْ أَكْثَرَ؛ لأَِنَّهُ أَمْكَنَ تَصْحِيحُهُ بَيْعًا، وَالْبَيْعُ يَصِحُّ بِالْقَلِيل وَالْكَثِيرِ مِنَ الثَّمَنِ. وَلاَ يَصِحُّ جَعْلُهُ إِبْرَاءً؛ لأَِنَّ الإِْبْرَاءَ مِنَ الأَْعْيَانِ غَيْرِ الْمَضْمُونَةِ لاَ يَصِحُّ.
وَلاَ يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ مِقْدَارِ حِصَّتِهِ مِنَ التَّرِكَةِ؛ إِذِ الْجَهَالَةُ هُنَا لاَ تُفْسِدُ الْبَيْعَ؛ لأَِنَّهَا لاَ تُفْضِي إِلَى النِّزَاعِ؛ لأَِنَّ الْمَبِيعَ هُنَا لاَ يَحْتَاجُ إِلَى تَسْلِيمٍ.
ب - إِذَا كَانَتِ التَّرِكَةُ ذَهَبًا فَأَعْطَوْهُ فِضَّةً، أَوْ كَانَتْ فِضَّةً فَأَعْطَوْهُ ذَهَبًا جَازَ الصُّلْحُ أَيْضًا، سَوَاءٌ أَكَانَ مَا أَعْطَوْهُ أَقَل مِنْ نَصِيبِهِ أَمْ أَكْثَرَ؛ لأَِنَّهُ بَيْعُ الْجِنْسِ بِخِلاَفِ الْجِنْسِ، فَلاَ يُعْتَبَرُ التَّسَاوِي.
لَكِنْ يُشْتَرَطُ الْقَبْضُ فِي الْمَجْلِسِ لِكَوْنِهِ صَرْفًا غَيْرَ أَنَّ الْوَارِثَ الَّذِي فِي يَدِهِ بَقِيَّةُ التَّرِكَةِ إِنْ كَانَ جَاحِدًا وُجُودَهَا فِي يَدِهِ يَكْتَفِي بِذَلِكَ الْقَبْضِ؛ لأَِنَّهُ قَبْضُ ضَمَانٍ فَيَنُوبُ عَنْ قَبْضِ الصُّلْحِ.
وَالأَْصْل فِي ذَلِكَ أَنَّهُ مَتَى تَجَانَسَ الْقَبْضَانِ، بِأَنْ يَكُونَ قَبْضَ أَمَانَةٍ أَوْ قَبْضَ ضَمَانٍ نَابَ أَحَدُهُمَا مَنَابَ الآْخَرِ، أَمَّا إِذَا اخْتَلَفَا فَالْمَضْمُونُ يَنُوبُ عَنْ غَيْرِهِ.
وَإِنْ كَانَ الَّذِي فِي يَدِهِ بَقِيَّةُ التَّرِكَةِ مُقِرًّا، فَإِنَّهُ
لاَ بُدَّ مِنْ تَجْدِيدِ الْقَبْضِ، وَهُوَ الاِنْتِهَاءُ إِلَى مَكَانٍ يَتَمَكَّنُ مِنْ قَبْضِهِ؛ لأَِنَّهُ قَبْضُ أَمَانَةٍ، فَلاَ يَنُوبُ عَنْ قَبْضِ الصُّلْحِ.
ج - وَإِنْ كَانَتِ التَّرِكَةُ دَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ، وَبَدَل الصُّلْحِ كَذَلِكَ دَرَاهِمُ وَدَنَانِيرُ، جَازَ الصُّلْحُ كَيْفَمَا كَانَ، صَرْفًا لِلْجِنْسِ إِلَى خِلاَفِ جِنْسِهِ كَمَا فِي الْبَيْعِ، لَكِنْ لاَ بُدَّ مِنَ الْقَبْضِ فِي الْمَجْلِسِ لِكَوْنِهِ صَرْفًا.
د - وَإِنْ كَانَتِ التَّرِكَةُ ذَهَبًا وَفِضَّةً وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الْعُرُوضِ وَالْعَقَارِ، فَصَالَحُوهُ عَلَى أَحَدِ النَّقْدَيْنِ فَلاَ يَجُوزُ الصُّلْحُ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَا أُعْطِيَ لَهُ أَكْثَرَ مِنْ حِصَّتِهِ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ؛ لِيَكُونَ نَصِيبُهُ بِمِثْلِهِ، وَالزِّيَادَةُ تَكُونُ فِي مُقَابِل حَقِّهِ مِنْ بَقِيَّةِ التَّرِكَةِ احْتِرَازًا عَنِ الرِّبَا، وَلاَ بُدَّ مِنَ التَّقَابُضِ فِيمَا يُقَابِل نَصِيبَهُ؛ لأَِنَّهُ صُرِفَ فِي هَذَا الْقَدْرِ.
فَإِنْ كَانَ مَا أَعْطَوْهُ مُسَاوِيًا لِنَصِيبِهِ، أَوْ كَانَ أَقَل مِنْ نَصِيبِهِ بَطَل الصُّلْحُ لِوُجُودِ الرِّبَا؛ لأَِنَّهُ إِذَا كَانَ الْبَدَل مُسَاوِيًا تَبْقَى الزِّيَادَةُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْبَدَل خَالِيَةً عَنِ الْعِوَضِ، فَيَكُونُ رِبًا. وَإِنْ كَانَ الْبَدَل أَقَل مِنْ نَصِيبِهِ تَبْقَى الزِّيَادَةُ مِنْ جِنْسِ ذَلِكَ وَمِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ خَالِيَةً عَنِ الْعِوَضِ، فَيَكُونُ رِبًا. وَتَعَذَّرَ تَجْوِيزُهُ بِطَرِيقِ الْمُعَاوَضَةِ لِلُزُومِ الرِّبَا، وَلاَ يَصِحُّ تَجْوِيزُهُ بِطَرِيقِ الإِْبْرَاءِ عَنِ الْبَاقِي؛ لأَِنَّ الإِْبْرَاءَ عَنِ الأَْعْيَانِ بَاطِلٌ.
وَكَذَلِكَ يَبْطُل التَّخَارُجُ إِنْ كَانَ نَصِيبُهُ مَجْهُولًا
لاِحْتِمَال الرِّبَا؛ لأَِنَّ الْفَسَادَ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ الْبَدَل مُسَاوِيًا لَهُ أَوْ أَقَل، فَكَانَ أَرْجَحَ وَأَوْلَى بِالاِعْتِبَارِ.
وَنُقِل عَنِ الْحَاكِمِ أَبِي الْفَضْل أَنَّ الصُّلْحَ إِنَّمَا يَبْطُل عَلَى أَقَل مِنْ نَصِيبِهِ فِي مَال الرِّبَا فِي حَالَةِ التَّصَادُقِ، أَمَّا فِي حَالَةِ التَّنَاكُرِ بِأَنْ أَنْكَرُوا وِرَاثَتَهُ فَالصُّلْحُ جَائِزٌ؛ لأَِنَّهُ فِي حَالَةِ الْمُنَاكَرَةِ يَكُونُ الْمَدْفُوعُ لِقَطْعِ الْمُنَازَعَةِ وَلاِفْتِدَاءِ الْيَمِينِ، أَوْ لِحَمْلِهِ عَلَى أَخْذِ عَيْنِ الْحَقِّ فِي قَدْرِ الْمَأْخُوذِ وَإِسْقَاطِ الْحَقِّ فِي الْبَاقِي، كَمَا قَالُوا فِي الصُّلْحِ عَنِ الدَّيْنِ بِأَقَل مِنْ جِنْسِهِ.
هـ - وَلَوْ كَانَتِ التَّرِكَةُ ذَهَبًا وَفِضَّةً وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الْعُرُوضِ وَالْعَقَارِ فَصَالَحُوهُ عَلَى عَرَضٍ جَازَ الصُّلْحُ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ أَكَانَ مَا أَعْطَوْهُ أَقَل مِنْ نَصِيبِهِ أَوْ أَكْثَرَ.
وإِذَا كَانَتْ أَعْيَانُ التَّرِكَةِ مَجْهُولَةً وَالصُّلْحُ عَلَى الْمَكِيل أَوِ الْمَوْزُونِ فَفِيهِ اخْتِلاَفٌ. قَال الْمَرْغِينَانِيُّ: لاَ يَجُوزُ الصُّلْحُ لِمَا فِيهِ مِنَ احْتِمَال الرِّبَا، بِأَنْ يَكُونَ فِي التَّرِكَةِ مَكِيلٌ أَوْ مَوْزُونٌ مِنْ جِنْسِهِ، فَيَكُونُ فِي حَقِّهِ بَيْعُ الْمُقَدَّرِ بِجِنْسِهِ جُزَافًا.
وَقَال الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ: يَجُوزُ لاِحْتِمَال أَنْ لاَ يَكُونَ فِي التَّرِكَةِ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا فَيُحْتَمَل أَنْ يَكُونَ نَصِيبُهُ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ فِي التَّرِكَةِ أَقَل مِمَّا وَقَعَ عَلَيْهِ الصُّلْحُ فَلاَ يَلْزَمُ الرِّبَا، وَاحْتِمَال أَنْ يَكُونَ نَصِيبُهُ مِنْ ذَلِكَ أَكْثَرَ، أَوْ مِثْل مَا