الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٠ الصفحة 4

الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٠

أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ: فَقَدْ جَرَوْا عَلَى أَنَّ التَّعْزِيرَ يَصْدُقُ عَلَى الْعُقُوبَةِ الصَّادِرَةِ مِنَ الزَّوْجِ أَوِ الأَْبِ أَوْ غَيْرِهِمَا -، كَمَا يَصْدُقُ عَلَى فِعْل الإِْمَامِ. قَال ابْنُ عَابِدِينَ: التَّعْزِيرُ يَفْعَلُهُ الزَّوْجُ وَالسَّيِّدُ، وَكُل مَنْ رَأَى أَحَدًا يُبَاشِرُ الْمَعْصِيَةَ (١) .

هَذَا، وَيُنْظَرُ تَفْصِيل مَا يَتَّصِل بِالْعُقُوبَةِ الصَّادِرَةِ مِنَ الإِْمَامِ فِي غَيْرِ الْحُدُودِ فِي مُصْطَلَحِ (تَعْزِيرٌ)

فَالتَّأْدِيبُ أَعَمُّ مِنَ التَّعْزِيرِ فِي أَحَدِ إِطْلاَقَيْهِ.

حُكْمُهُ التَّكْلِيفِيُّ:

٣ - قَال ابْنُ قُدَامَةَ: لاَ نَعْلَمُ خِلاَفًا بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي جَوَازِ تَأْدِيبِ الزَّوْجِ زَوْجَتَهُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِحُقُوقِهِ الزَّوْجِيَّةِ، وَفِي أَنَّهُ غَيْرُ وَاجِبٍ. (٢)

وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ تَأْدِيبِهِ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى كَتَرْكِ الصَّلاَةِ، فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى الْمَنْعِ، وَجَوَّزَهُ آخَرُونَ، كَمَا سَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ. (٣)

كَمَا اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ تَأْدِيبُ

_________

(١) المبسوط للسرخسي ٩ / ٣٦، وفتح القدير ٧ / ١١٩، ومغني المحتاج ٤ / ١٩١، ١٩٩، وتبصرة الحكام ٢ / ٢٩٣، وكشاف القناع ٤ / ٧٢، وحاشية ابن عابدين ٣ / ١٧٧.

(٢) المغني لابن قدامة ٧ / ٤٧، والأم للشافعي ٥ / ١٩٤، والرهوني ٨ / ١٦٥، ومواهب الجليل ٤ / ١٦، وابن عابدين ٣ / ١٩٠.

(٣) حاشية ابن عابدين ١ / ٢٣٥، ٥ / ٣٦٣، ومغني المحتاج ١ / ١٣١، والمغني لابن قدامة ١ / ٦١٥ - ٦١٦.

الصَّبِيِّ لِتَرْكِ الصَّلاَةِ وَالطَّهَارَةِ، وَلِتَعْلِيمِ الْفَرَائِضِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَذَلِكَ بِالْقَوْل إِذَا بَلَغَ سَبْعَ سِنِينَ، وَبِالضَّرْبِ إِنْ لَزِمَ لإِصْلاَحِهِ إِذَا بَلَغَ عَشْرًا؛ لِحَدِيثِ: عَلِّمُوا الصَّبِيَّ الصَّلاَةَ لِسَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُ عَلَيْهَا ابْنَ عَشْرِ سِنِينَ (١) .

وَاخْتَلَفُوا فِي حُكْمِ تَأْدِيبِ الإِْمَامِ وَنُوَّابِهِ لِمَنْ رُفِعَ إِلَيْهِمْ:

فَذَهَبَ الأَْئِمَّةُ: أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ وَأَحْمَدُ، إِلَى وُجُوبِ إِقَامَةِ التَّأْدِيبِ عَلَيْهِمْ فِيمَا شُرِعَ التَّأْدِيبُ فِيهِ، إِلاَّ إِذَا رَأَى الإِْمَامُ أَنَّ فِي تَرْكِ التَّأْدِيبِ مَصْلَحَةً، وَقَالُوا: إِنَّهُ إِنْ كَانَ التَّأْدِيبُ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ، كَوَطْءِ جَارِيَةِ امْرَأَتِهِ وَجَارِيَةٍ مُشْتَرَكَةٍ، يَجِبُ امْتِثَال الأَْمْرِ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ وَرَأَى الإِْمَامُ مَصْلَحَةً فِي إِقَامَةِ التَّأْدِيبِ، أَوْ عَلِمَ أَنَّ الْمُذْنِبَ لاَ يَنْزَجِرُ إِلاَّ بِالضَّرْبِ وَجَبَ؛ لأَِنَّهُ زَاجِرٌ مَشْرُوعٌ لِوَجْهِ اللَّهِ فَوَجَبَ كَالْحَدِّ (٢) .

وَيَرَى الشَّافِعِيَّةُ أَنَّهُ لاَ يَجِبُ عَلَى الإِْمَامِ إِقَامَةُ التَّأْدِيبِ، وَلَهُ تَرْكُهُ.

وَحُجَّتُهُمْ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَعْرَضَ عَنْ جَمَاعَةٍ

_________

(١) حديث: " علموا الصبي الصلاة. . . " أخرجه أبو داود (١ / ٣٣٢ - ط عزت عبيد دعاس) والترمذي (٢ / ٢٥٩ - ط الحلبي) وحسنه، واللفظ للترمذي.

(٢) ابن عابدين ٣ / ١٨٧، ومواهب الجليل ٦ / ٣٢٠، والمغني لابن قدامة ٨ / ٣٢٦.

اسْتَحَقُّوهُ، وَلَمْ يُقِمْ عَلَيْهِمُ التَّأْدِيبَ (١) كَالْغَال فِي الْغَنِيمَةِ، فَلَوْ كَانَ وَاجِبًا لَمَا أَعْرَضَ عَنْهُمْ، وَلأَقَامَهُ عَلَيْهِمْ. (٢)

هَذَا إِذَا كَانَ التَّأْدِيبُ حَقًّا لِلَّهِ، أَمَّا إِذَا كَانَ حَقًّا لآِدَمِيٍّ، وَطَالَبَ بِهِ مُسْتَحِقُّهُ، وَجَبَ عَلَى الإِْمَامِ إِقَامَتُهُ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ، وَلَكِنْ إِذَا عَفَا عَنْهُ صَاحِبُ الْحَقِّ فَهَل لِلإِْمَامِ إِقَامَةُ التَّأْدِيبِ؟

ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ - فِي الأَْصَحِّ مِنْ قَوْلَيْنِ عِنْدَهُمْ - إِلَى: أَنَّهُ يَجُوزُ لِلإِْمَامِ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ قَبْل الْمُطَالَبَةِ إِقَامَةُ التَّأْدِيبِ.؛ لأَِنَّهُ لاَ يَخْلُو عَنْ حَقِّ اللَّهِ، وَلأَِنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِنَظَرِ الإِْمَامِ فَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ إِسْقَاطُ غَيْرِهِ. (٣) وَيُنْظَرُ التَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (تَعْزِيرٌ) .

وِلاَيَةُ التَّأْدِيبِ:

٤ - تَثْبُتُ وِلاَيَةُ التَّأْدِيبِ:

أ - لِلإِْمَامِ وَنُوَّابِهِ كَالْقَاضِي بِالْوِلاَيَةِ الْعَامَّةِ، فَلَهُمُ الْحَقُّ فِي تَأْدِيبِ مَنِ ارْتَكَبَ مَحْظُورًا لَيْسَ فِيهِ حَدٌّ (٤)، مَعَ الاِخْتِلاَفِ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي

_________

(١) حديث: " إعراض النبي ﷺ عن جماعة. . . " أخرجه البخاري (الفتح ١١ / ٥٩٢ - ط السلفية) . ومسلم (١ / ١٠٨ - ط عيسى البابي الحلبي) .

(٢) مغني المحتاج ٤ / ١٩٣، والأم للإمام الشافعي ٦ / ١٧٦.

(٣) المصادر السابقة.

(٤) حاشية ابن عابدين ٣ / ١٨٩، ٥ / ٣٦٣، مغني المحتاج ٤ / ١٩٤، وحاشية الدسوقي ٦ / ٣١٩.

الْوُجُوبِ عَلَيْهِمْ وَعَدَمِهِ كَمَا مَرَّتِ الإِْشَارَةُ إِلَيْهِ. (ر: تَعْزِيرٌ) .

ب - لِلْوَلِيِّ بِالْوِلاَيَةِ الْخَاصَّةِ، أَبًا كَانَ أَوْ جَدًّا أَوْ وَصِيًّا، أَوْ قَيِّمًا مِنْ قِبَل الْقَاضِي (١) لِحَدِيثِ: مُرُوا أَوْلاَدَكُمْ بِالصَّلاَةِ. . . إِلَخْ (٢)

ج - لِلْمُعَلِّمِ عَلَى التِّلْمِيذِ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ (٣) .

د - لِلزَّوْجِ عَلَى زَوْجَتِهِ فِيمَا يَتَّصِل بِالْحُقُوقِ الزَّوْجِيَّةِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ﴾ (٤)، وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ. (٥)

وَلَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ تَأْدِيبِ الزَّوْجِ لِزَوْجَتِهِ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، كَتَرْكِ الصَّلاَةِ وَنَحْوِهَا مِنَ الْفَرَائِضِ. فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ تَأْدِيبُهَا عَلَى ذَلِكَ (٦) . وَقَيَّدَهُ الْمَالِكِيَّةُ بِمَا قَبْل الرَّفْعِ لِلإِْمَامِ، وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ لَيْسَ لَهُ التَّأْدِيبُ لِحَقِّ اللَّهِ؛ لأَِنَّهُ لاَ يَتَعَلَّقُ بِهِ

_________

(١) المغني لابن قدامة ١ / ٦١٥، ومغني المحتاج ١ / ١٣١، وابن عابدين ١ / ٢٣٥

(٢) حديث: " مروا أولادكم بالصلاة. . . " أخرجه أبو داود (١ / ٣٣٤) ط عزت عبيد الدعاس. وحسنه النووي في رياض الصالحين ص ١٧١ - ط الرسالة) .

(٣) المصادر السابقة.

(٤) سورة النساء / ٣٤.

(٥) مواهب الجليل ٤ / ١٥ - ١٦، وحاشية ابن عابدين ٣ / ١٨٨، والمغني ٧ / ٤٦.

(٦) المغني لابن قدامة ٧ / ٤٧، وحاشية الدسوقي ٤ / ١٥٤

وَلاَ تَرْجِعُ الْمَنْفَعَةُ إِلَيْهِ. (١) هَذَا وَلَمْ نَقِفْ عَلَى قَوْلٍ لِلْفُقَهَاءِ بِوُجُوبِ التَّأْدِيبِ عَلَى الزَّوْجِ، بَل يُفْهَمُ مِنْ عِبَارَاتِهِمْ أَنَّ التَّرْكَ أَوْلَى.

جَاءَ فِي الأُْمِّ لِلإِْمَامِ الشَّافِعِيِّ: فِي نَهْيِ النَّبِيِّ ﷺ عَنْ ضَرْبِ النِّسَاءِ، ثُمَّ إِذْنِهِ فِي ضَرْبِهِنَّ، وَقَوْلُهُ: لَنْ يَضْرِبَ خِيَارُكُمْ (٢) يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ ﵊ نَهَى عَنْهُ عَلَى اخْتِيَارِ النَّهْيِ، وَأَذِنَ فِيهِ بِأَنْ أَبَاحَ لَهُمُ الضَّرْبَ فِي الْحَقِّ، وَاخْتَارَ لَهُمْ أَلاَّ يَضْرِبُوا؛ لِقَوْلِهِ: لَنْ يَضْرِبَ خِيَارُكُمْ (٣) .، وَلَيْسَ لِغَيْرِ هَؤُلاَءِ وِلاَيَةُ التَّأْدِيبِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ. (٤)

غَيْرَ أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ قَالُوا: يُقِيمُ التَّأْدِيبَ - إِذَا كَانَ حَقًّا لِلَّهِ - كُل مُسْلِمٍ فِي حَال مُبَاشَرَةِ الْمَعْصِيَةِ؛ لأَِنَّهُ مِنْ بَابِ إِزَالَةِ الْمُنْكَرِ، وَالشَّارِعُ وَلَّى كُل مُسْلِمٍ ذَلِكَ؛ لِقَوْلِهِ ﷺ مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ. . . (٥)

أَمَّا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الْمَعْصِيَةِ فَلَيْسَ بِنَهْيٍ؛ لأَِنَّ

_________

(١) مغني المحتاج ٤ / ١٩٣، وحاشية ابن عابدين ٣ / ١٨٩.

(٢) حديث: " نهى النبي ﷺ عن ضرب النساء. . . " أخرجه أبو داود (٢ / ٦٠٨) ط عزت عبيد الدعاس. وابن ماجه (١ / ٦٣٨) ط عيسى البابي الحلبي. والحاكم (٢ / ١٨٨) ط دار الكتاب العربي. وقال: حديث صحيح الإسناد.

(٣) الأم للشافعي ٥ / ١٩٤.

(٤) حاشية الدسوقي ٤ / ٣٥٤، ومغني المحتاج ٤ / ١٩٩.

(٥) حديث: " من رأى منكم منكرا فليغيره بيده. . . " أخرجه مسلم في صحيحه (١ / ٦٩) ط عيسى البابي الحلبي.

النَّهْيَ عَمَّا مَضَى لاَ يُتَصَوَّرُ، فَيَتَمَحَّضُ تَعْزِيرًا، وَذَلِكَ إِلَى الإِْمَامِ. (١)

مَا يَجُوزُ فِيهِ التَّأْدِيبُ لِغَيْرِ الْحَاكِمِ.

٥ - أ - نُشُوزُ الزَّوْجَةِ وَمَا يَتَّصِل بِهِ مِنَ الْحُقُوقِ، كَتَرْكِهَا الزِّينَةَ لَهُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا، وَتَرْكِ الْغُسْل عِنْدَ الْجَنَابَةِ، وَالْخُرُوجِ مِنَ الْمَنْزِل بِغَيْرِ إِذْنِهِ، وَتَرْكِ الإِْجَابَةِ إِلَى الْفِرَاشِ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَهُ صِلَةٌ بِالْعَلاَقَةِ الزَّوْجِيَّةِ، وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ (٢)

وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ تَأْدِيبِهِ إِيَّاهَا لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى كَتَرْكِ الصَّلاَةِ وَنَحْوِهَا، فَجَوَّزَهُ الْبَعْضُ، وَمَنَعَهُ آخَرُونَ. (٣): مُصْطَلَحُ (نُشُوزٌ) .

ب - وَتَثْبُتُ عَلَى الصَّبِيِّ لِوَلِيِّهِ، أَبًا كَانَ، أَوْ جَدًّا، أَوْ وَصِيًّا، أَوْ قَيِّمًا مِنْ قِبَل الْقَاضِي لِخَبَرِ: مُرُوا أَوْلاَدَكُمْ بِالصَّلاَةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرِ سِنِينَ. . . (٤) وَيُؤَدَّبُ عَلَى تَرْكِ الطَّهَارَةِ وَالصَّلاَةِ وَكَذَا الصَّوْمُ، وَيُنْهَى عَنْ شُرْبِ الْخَمْرِ لِيَأْلَفَ الْخَيْرَ وَيَتْرُكَ الشَّرَّ، وَيُؤْمَرُ بِالْغُسْل إِذَا جَامَعَ، وَيُؤْمَرُ بِجَمِيعِ الْمَأْمُورَاتِ، وَيُنْهَى عَنْ جَمِيعِ الْمَنْهِيَّاتِ، وَيَكُونُ التَّأْدِيبُ بِالضَّرْبِ وَالْوَعِيدِ، وَالتَّعْنِيفِ

_________

(١) حاشية ابن عابدين ٣ / ١٨١.

(٢) حاشية ابن عابدين ٣ / ١٨٩، ومغني المحتاج ٤ / ١٩٣، والمغني لابن قدامة ٧ / ٤٦، ومواهب الجليل ٦ / ٣١٩.

(٣) المصادر السابقة.

(٤) حديث: " علموا الصبي. . . . " سبق تخريجه (ف / ٣) .

بِالْقَوْل.، وَهَذَا التَّأْدِيبُ وَاجِبٌ عَلَى الْوَلِيِّ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ لِلْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ. وَهُوَ فِي حَقِّ الصَّبِيِّ لِتَمْرِينِهِ عَلَى الصَّلاَةِ وَنَحْوِهَا لِيَأْلَفَهَا وَيَعْتَادَهَا وَلاَ يَتْرُكَهَا عِنْدَ الْبُلُوغِ، وَلاَ تَجِبُ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ لِخَبَرِ رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلاَثَةٍ. . . (١) ذَكَرَ مِنْهُمُ الصَّبِيَّ حَتَّى يَبْلُغَ.

ج - عَلَى التِّلْمِيذِ: وَيُؤَدِّبُ الْمُعَلِّمُ مَنْ يَتَعَلَّمُ مِنْهُ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ، وَلَيْسَ لَهُ التَّأْدِيبُ بِغَيْرِ إِذْنِ الْوَلِيِّ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ.، (٢) وَنُقِل عَنْ بَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ قَوْلُهُمُ: الإِْجْمَاعُ الْفِعْلِيُّ مُطَّرِدٌ بِجَوَازِ ذَلِكَ بِدُونِ إِذْنِ الْوَلِيِّ. (٣)

نَفَقَةُ التَّأْدِيبِ:

٦ - تَجِبُ أُجْرَةُ التَّعْلِيمِ فِي مَال الطِّفْل إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَعَلَى مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ، وَالإِْنْفَاقُ مِنْ مَال الصَّبِيِّ لِتَعْلِيمِهِ الْفَرَائِضَ وَاجِبٌ بِالاِتِّفَاقِ، كَمَا يَجُوزُ أَنْ يُصْرَفَ مِنْ مَالِهِ أُجْرَةُ تَعْلِيمِ مَا سِوَى الْفَرَائِضِ مِنَ: الْقُرْآنِ، وَالصَّلاَةِ، وَالطَّهَارَةِ، كَالأَْدَبِ،

_________

(١) حديث: " رفع القلم عن ثلاثة. . . " أخرجه أبو داود (٤ / ٥٥٨) ط عزت عبيد الدعاس. والحاكم (٢ / ٥٩) ط وزارة المعارف العثمانية. وعنده " الصبي حتى يحتلم " وصححه الحاكم ووافقه الذهبي

(٢) حاشية ابن عابدين ٣ / ١٨٩، ٥ / ٣٦٣، ومغني المحتاج ٤ / ١٩٣

(٣) ابن عابدين ٥ / ٣٦٣، ومغني المحتاج ٤ / ١٩٣.

وَالْخَطِّ، إِنْ تَأَهَّل لَدَيْهِ لأَِنَّهُ مُسْتَمِرٌّ مَعَهُ وَيَنْتَفِعُ بِهِ، وَنَقَل الْخَطِيبُ الشِّرْبِينِيُّ عَنِ النَّوَوِيِّ قَوْلَهُ فِي الرَّوْضَةِ: يَجِبُ عَلَى الآْبَاءِ وَالأُْمَّهَاتِ تَعْلِيمُ أَوْلاَدِهِمُ الطَّهَارَةَ وَالصَّلاَةَ وَالشَّرَائِعَ، وَأُجْرَةُ تَعْلِيمِ الْفَرَائِضِ فِي مَال الطِّفْل، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ. (١)

طُرُقُ التَّأْدِيبِ:

٧ - تَخْتَلِفُ طُرُقُ التَّأْدِيبِ بِاخْتِلاَفِ مَنْ لَهُ التَّأْدِيبُ وَمَنْ عَلَيْهِ التَّأْدِيبُ:

فَطُرُقُ تَأْدِيبِ الإِْمَامِ لِمَنْ يَسْتَحِقُّ مِنَ الرَّعِيَّةِ غَيْرُ مَحْصُورَةٍ وَلاَ مُقَدَّرَةٍ شَرْعًا، فَيُتْرَكُ لاِجْتِهَادِهِ فِي سُلُوكِ الأَْصْلَحِ لِتَحْصِيل الْغَرَضِ مِنَ التَّأْدِيبِ، لاِخْتِلاَفِ ذَلِكَ بِاخْتِلاَفِ الْجَانِي وَالْجِنَايَةِ، وَعَلَيْهِ أَنْ يُرَاعِيَ التَّدَرُّجَ اللاَّئِقَ بِالْحَال وَالْقَدْرِ كَمَا يُرَاعِي دَفْعَ الصَّائِل، فَلاَ يَرْقَى إِلَى مَرْتَبَةٍ وَهُوَ يَرَى مَا دُونَهَا كَافِيًا وَمُوَثِّرًا. (٢) وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (تَعْزِيرٌ) .

طُرُقُ تَأْدِيبِ الزَّوْجَةِ:

٨ - أ - الْوَعْظُ

ب - الْهَجْرُ فِي الْمَضْجَعِ

_________

(١) مغني المحتاج ١ / ١٣١، وابن عابدين ٥ / ٤٦٣.

(٢) مغني المحتاج ٤ / ١٩٢، وابن عابدين ٣ / ١٧٨ - ١٧٩، ومواهب الجليل ٤ / ٣١٩.

ج - الضَّرْبُ غَيْرُ الْمُبَرِّحِ.

وَهَذَا التَّرْتِيبُ وَاجِبٌ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، فَلاَ يَنْتَقِل إِلَى الْهَجْرِ إِلاَّ إِذَا لَمْ يُجْدِ الْوَعْظُ، هَذَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ﴾ (١) .

جَاءَ فِي الْمُغْنِي لاِبْنِ قُدَامَةَ: فِي الآْيَةِ إِضْمَارٌ تَقْدِيرُهُ: وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ فَإِنْ نَشَزْنَ فَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ، فَإِنْ أَصْرَرْنَ فَاضْرِبُوهُنَّ. (٢)

وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ - فِي الأَْظْهَرِ مِنْ قَوْلَيْنِ عِنْدَهُمْ - إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلزَّوْجِ أَنْ يُؤَدِّبَهَا بِالضَّرْبِ بَعْدَ ظُهُورِ النُّشُوزِ مِنْهَا بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ، وَلاَ تَرْتِيبَ عَلَى هَذَا الْقَوْل بَيْنَ الْهَجْرِ وَالضَّرْبِ بَعْدَ ظُهُورِ النُّشُوزِ، وَالْقَوْل الآْخَرُ يُوَافِقُ رَأْيَ الْجُمْهُورِ. (٣)

وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الضَّرْبُ غَيْرَ مُبَرِّحٍ، وَغَيْرَ مُدْمٍ، وَأَنْ يُتَوَقَّى فِيهِ الْوَجْهُ وَالأَْمَاكِنُ الْمَخُوفَةُ؛ لأَِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ التَّأْدِيبُ لاَ الإِْتْلاَفُ. (٤) لِخَبَرِ: إِنَّ لَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَلاَّ يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا

_________

(١) سورة النساء / ٣٤.

(٢) المغني لابن قدامة ٧ / ٤٧، ومواهب الجليل ٤ / ١٥.

(٣) الأم للشافعي ٥ / ١٩٤، ومغني المحتاج ٣ / ٢٥٩.

(٤) المغني لابن قدامة ٧ / ٤٧، ومواهب الجليل ٤ / ١٥، ومغني المحتاج ٣ / ٢٥٩، والأم للشافعي ٥ / ١٩٤.

تَكْرَهُونَهُ، فَإِنْ فَعَلْنَ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ (١) .

وَيَشْتَرِطُ الْحَنَابِلَةُ أَلاَّ يُجَاوِزَ بِهِ عَشَرَةَ أَسْوَاطٍ لِحَدِيثِ: لاَ يُجْلَدُ أَحَدٌ فَوْقَ عَشَرَةِ أَسْوَاطٍ إِلاَّ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ (٢) ر: مُصْطَلَحَ (نُشُوزٌ) .

طُرُقُ تَأْدِيبِ الصَّبِيِّ:

٩ - يُؤَدَّبُ الصَّبِيُّ بِالأَْمْرِ بِأَدَاءِ الْفَرَائِضِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرَاتِ بِالْقَوْل، ثُمَّ الْوَعِيدِ، ثُمَّ التَّعْنِيفِ، ثُمَّ الضَّرْبِ، إِنْ لَمْ تُجْدِ الطُّرُقُ الْمَذْكُورَةُ قَبْلَهُ، وَلاَ يُضْرَبُ الصَّبِيُّ لِتَرْكِ الصَّلاَةِ إِلاَّ إِذَا بَلَغَ عَشْرَ سِنِينَ. (٣) لِحَدِيثِ: مُرُوا أَوْلاَدَكُمْ بِالصَّلاَةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرِ سِنِينَ، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ (٤) .

وَلاَ يُجَاوِزُ ثَلاَثًا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ. (٥)

_________

(١) حديث: " إن لكم عليهن إلا يوطئن فرشكم. . . " أخرجه مسلم في صحيحه (٢ / ٨٨٩ - ٨٩٠ ط عيسى البابي الحلبي) .

(٢) حديث: " لا يجلد أحد فوق. . . " أخرجه البخاري (١٢ / ١٧٦ ط السلفية) ومسلم (٣ / ١٣٣٣ ط عيسى البابي الحلبي) واللفظ له.

(٣) المغني لابن قدامة ١ / ٦١٥، ومغني المحتاج ١ / ١٣١، وابن عابدين ١ / ١٣٥.

(٤) حديث: " مروا أولادكم. . . " سبق تخريجه (ف / ٤) .

(٥) الرهوني ٨ / ١٦٤، ومواهب الجليل ٦ / ٣١٩، والمغني لابن قدامة ٨ / ٣٢٧، وابن عابدين ١ / ٢٣٥.