الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٠ -
يُنَافِي هَذَا شَيْئًا مِنْ أَحَادِيثِ الْبَابِ بِوَجْهٍ مَا، فَإِنَّهُ ﷺ إِنَّمَا أَمَرَ بِالاِقْتِصَارِ عَلَى قَوْل الرَّادِّ " وَعَلَيْكُمْ "، بِنَاءً عَلَى السَّبَبِ الْمَذْكُورِ الَّذِي كَانُوا يَعْتَمِدُونَهُ فِي تَحِيَّتِهِمْ، وَأَشَارَ إِلَيْهِ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ ﵂ فَقَال أَلاَ تَرِينَنِي قُلْتُ: وَعَلَيْكُمْ، لَمَّا قَالُوا: السَّامُ عَلَيْكُمْ. ثُمَّ قَال: إِذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ أَهْل الْكِتَابِ فَقُولُوا: وَعَلَيْكُمْ (١)
وَالاِعْتِبَارُ وَإِنْ كَانَ لِعُمُومِ اللَّفْظِ فَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ عُمُومُهُ فِي نَظِيرِ الْمَذْكُورِ لاَ فِيمَا يُخَالِفُهُ. قَال تَعَالَى ﴿وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلاَ يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُول﴾ (٢)
فَإِذَا زَال هَذَا السَّبَبُ وَقَال الْكِتَابِيُّ: سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، فَالْعَدْل فِي التَّحِيَّةِ يَقْتَضِي أَنْ يُرَدَّ عَلَيْهِ نَظِيرُ سَلاَمِهِ. وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ. (٣)
١٧ - وَأَمَّا حُكْمُ التَّحِيَّةِ بِغَيْرِ السَّلاَمِ لِلْكَافِرِ، فَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ، وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ: أَنَّهَا مَكْرُوهَةٌ مَا لَمْ تَكُنْ لِعُذْرٍ، أَوْ غَرَضٍ كَحَاجَةٍ أَوْ جِوَارٍ أَوْ قَرَابَةٍ، فَإِذَا كَانَتْ لِعُذْرٍ
_________
(١) حديث: " إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا: وعليكم " أخرجه البخاري (الفتح ١١ / ٤٢ - ط السلفية) .
(٢) سورة المجادلة / ٨.
(٣) أحكام أهل الذمة ١ / ١٩٩، ٢٠٠ ط دار العلم للملايين، والأذكار للنووي ص ٢٢٦.