الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٠ -
لِقِتَال الْمُسْلِمِينَ - جَائِزٌ شَرْعًا، سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُسْلِمُونَ فِي الْحِصْنِ أَقَل مِنْ نِصْفِ الْكُفَّارِ أَوْ أَكْثَرَ، وَذَلِكَ لِيَلْحَقَهُمْ مَدَدٌ وَقُوَّةٌ مِنْ بِلاَدِ الْمُسْلِمِينَ الْمُجَاوِرَةِ لِيَشُدُّوا أَزْرَهُمْ، فَيَكْثُرَ عَدَدُهُمْ وَيَخْشَاهُمْ عَدُوُّهُمْ، وَلاَ يَلْحَقُ الْمُسْلِمِينَ بِتَحَصُّنِهِمْ إِثْمُ الْفِرَارِ مِنَ الزَّحْفِ ْ؛ لأَِنَّ الإِْثْمَ مَنُوطٌ بِمَنْ فَرَّ بَعْدَ لِقَاءِ الْمُحَارِبِينَ غَيْرَ مُتَحَرِّفٍ لِقِتَالٍ، وَلاَ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ، وَإِنْ لَقَوْهُمْ خَارِجَ الْحِصْنِ فَلَهُمُ التَّحَيُّزُ إِلَى الْحِصْنِ، لأَِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ التَّحَرُّفِ لِلْقِتَال أَوِ التَّحَيُّزِ إِلَى فِئَةٍ، وَهَذَا بِلاَ خِلاَفٍ. (١)
وَإِنْ كَانَ الْكُفَّارُ الْمُحَارِبُونَ فِي بِلاَدِهِمْ مُسْتَقِرِّينَ غَيْرَ قَاصِدِينَ الْحَرْبَ، فَحِينَئِذٍ يَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِينَ أَنْ يَحْتَاطُوا بِإِحْكَامِ الْحُصُونِ وَالْخَنَادِقِ وَشَحْنِهَا بِمُكَافِئِينَ لَهُمْ، وَتَقْلِيدِ ذَلِكَ لِلْمُؤْتَمَنِينَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمَشْهُورِينَ بِالشَّجَاعَةِ. (٢)
وَالتَّفْصِيل مَوْطِنُهُ مُصْطَلَحُ: (جِهَادٌ) .
٣ - وَيَجُوزُ أَيْضًا لِلْمُسْلِمِينَ التَّحَصُّنُ بِالْخَنَادِقِ كَمَا فَعَل رَسُول اللَّهِ ﷺ فِي غَزْوَةِ الْخَنْدَقِ حِينَمَا جَاءَ الأَْحْزَابُ لِقِتَالِهِ حَوْل الْمَدِينَةِ. (٣) وَإِلَيْهِ يُشِيرُ قَوْله تَعَالَى
_________
(١) المغني لابن قدامة ٨ / ٤٨٦ ط مكتبة الرياض بالرياض، والخرشي ٣ / ١١٣ ط دار صادر / بيروت، ونهاية المحتاج ٨ / ٦٢ ط الحلبي بمصر.
(٢) نهاية المحتاج ٨ / ٤٢، وروضة الطالبين ١٠ / ٢٠٨ ط المكتب الإسلامي.
(٣) حديث: " تحصن رسول الله ﷺ بالخندق ومشاركته إياهم " أخرجه البخاري (الفتح ٧ / ٣٩٩ ط السلفية) .