الموسوعة الفقهية الكويتية المجلد ١٠ -
أَمَّا الْعَمَل بِهِ، فَقَدْ ذَهَبَ الْمُتَقَدِّمُونَ مِنْ عُلَمَاءِ الْقِرَاءَاتِ وَالتَّجْوِيدِ إِلَى أَنَّ الأَْخْذَ بِجَمِيعِ أُصُول التَّجْوِيدِ وَاجِبٌ يَأْثَمُ تَارِكُهُ، سَوَاءٌ أَكَانَ مُتَعَلِّقًا بِحِفْظِ الْحُرُوفِ - مِمَّا يُغَيِّرُ مَبْنَاهَا أَوْ يُفْسِدُ مَعْنَاهَا - أَمْ تَعَلَّقَ بِغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا أَوْرَدَهُ الْعُلَمَاءُ فِي كُتُبِ التَّجْوِيدِ، كَالإِْدْغَامِ وَنَحْوِهِ. قَال مُحَمَّدُ بْنُ الْجَزَرِيِّ فِي النَّشْرِ نَقْلًا عَنِ الإِْمَامِ نَصْرٍ الشِّيرَازِيِّ: حُسْنُ الأَْدَاءِ فَرْضٌ فِي الْقِرَاءَةِ، وَيَجِبُ عَلَى الْقَارِئِ أَنْ يَتْلُوَ الْقُرْآنَ حَقَّ تِلاَوَتِهِ (١) .
وَذَهَبَ الْمُتَأَخِّرُونَ إِلَى التَّفْصِيل بَيْنَ مَا هُوَ (وَاجِبٌ شَرْعِيٌّ) مِنْ مَسَائِل التَّجْوِيدِ، وَهُوَ مَا يُؤَدِّي تَرْكُهُ إِلَى تَغْيِيرِ الْمَبْنَى أَوْ فَسَادِ الْمَعْنَى، وَبَيْنَ مَا هُوَ (وَاجِبٌ صِنَاعِيٌّ) أَيْ أَوْجَبَهُ أَهْل ذَلِكَ الْعِلْمِ لِتَمَامِ إِتْقَانِ الْقِرَاءَةِ، وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ الْعُلَمَاءُ فِي كُتُبِ التَّجْوِيدِ مِنْ مَسَائِل لَيْسَتْ كَذَلِكَ، كَالإِْدْغَامِ وَالإِْخْفَاءِ إِلَخْ. فَهَذَا النَّوْعُ لاَ يَأْثَمُ تَارِكُهُ عِنْدَهُمْ.
قَال الشَّيْخُ عَلِيٌّ الْقَارِيُّ بَعْدَ بَيَانِهِ أَنَّ مَخَارِجَ الْحُرُوفِ وَصِفَاتِهَا، وَمُتَعَلِّقَاتِهَا مُعْتَبَرَةٌ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ: فَيَنْبَغِي أَنْ تُرَاعَى جَمِيعُ قَوَاعِدِهِمْ وُجُوبًا فِيمَا يَتَغَيَّرُ بِهِ الْمَبْنَى وَيَفْسُدُ الْمَعْنَى، وَاسْتِحْبَابًا فِيمَا يَحْسُنُ بِهِ اللَّفْظُ وَيُسْتَحْسَنُ بِهِ النُّطْقُ حَال الأَْدَاءِ. ثُمَّ قَال عَنِ اللَّحْنِ الْخَفِيِّ الَّذِي لاَ يَعْرِفُهُ
_________
(١) النشر ١ / ٢١١.